الأربعاء، 28 نوفمبر 2012
حرنكش يا مرسي
حلاوتك
يا نهضة .. وأنتي بضمير
والصحة
نعمة .. تهز السرير
بتقتل
يا مرمر.. وتكدب كتير
واحلي
بحرنكش .. وأنام أمير
من
غيرك يا مرسي ..
ومن
غير مشير ....
الجمعة، 23 نوفمبر 2012
عيون الحرية .. برتقال FRESH في التحرير
صورة حية من
ميدان التحرير - الجمعة 23 نوفمبر - تصوير: أبو شامة
دائما ما يطارد «المُصنع» بضمانات الأمان وراحة البال، كل
مقابل طبيعي طازج.. هذا ما جعل خطواتي مترددة وأنا أتجه نحو بائع عصير البرتقال
الـ«FRESH»
الواقف عند ناصية شارع قصر النيل بمدخله من ميدان التحرير وهو يمارس عمله في حماس
وإتقان، وقبل أن أسأله.. أجابني.. وقبل أن أطلب.. شربت!!
ومع طزاجة عصير البرتقال ومذاقه الشهي، قضيت لحظات بديعة من
جمعة اليوم التي اختلفت أسماؤها بحسب الموقف السياسي، ولكنها في التحرير كانت
للغضب والرفض الواضح لإعلان مرسي الدستوري الذي استحوذ فيه على مصر وهدم الدولة..
أسقط سلطة القضاء.. ليعلن نفسه فرعونا مطلق الصلاحيات.
كل شيء في هذه الجمعة كان FRESH.. الثورة طازجة..
والشباب الثائر طازج.. والقوى السياسية الحقيقية متوحدة وطازجة، بعيدا عن قطعان
الدينيين من إخوان وسلفيين.. كل شيء فطري.. الحشود انتظمت والآلاف تجمعوا في
ميادين التحرير.. بلا أوتوبيسات الأقاليم.. وجو مظاهرات «المعازيم» على الطريقة
البلتاجية العريانة.
مصر تجدد ثورتها.. وتجدد حلمها.. وتحلق ذقنها..
هي جمعة 23 نوفمبر بإيجاز شديد..
الوجوه التي شاهدتها من كل الفئات والطوائف، رجالا ونساء وشيوخا
وأطفالا.. خرجت لتحمي دولتها.. تحمي تاريخها ومستقبلها.. تحمي الوطن الذي يفككه
مرسي وجماعته ويهدمون أركانه، ليشيدوا مشروعهم التاريخي المتخيل.. مشروعهم الوهمي
الذي لن يتحقق.. لأنه ببساطة غير موجود.. هذا ما أثبتته الأفعال بعد هذه الشهور
التي قضاها مرسي حاكما لمصر ولم يظهر لنا مشروع «النهضة» الذي تصدر حملته
الانتخابية.. وحتى تاريخه لم نر منه أي نهضة.
وبعد أن أدخلنا الرئيس المنتخب في معركة وهمية حول النائب
العام، وحمّله كل الفساد الماضي وكل الكساد الحالي.. وأصدر إعلانا دستوريا و3
قوانين كلها يصب في نهر الديكتاتورية الذي يجلس مرسي على شاطئه ومن خلفه جماعته..
وقد ذاقوا لذة ماء الحكم المطلق.. الذي لا يروي ولا يُشبع.. وهم لن يرتووا!!
وهذا ما يخشاه كل العقلاء في مصر.
المسخرة الحقيقية، كانت في تبريرات الإخوان وحديثهم عن أن هذه
«الديكتاتورية» مؤقتة ولن تزيد عن شهور معدودة، وعندما تسألهم عن الضامن لذلك..
يحدثونك بكل ثقة عن «كلمة شرف»، مغفلين أنه فيلم أبيض وأسود شاهدناه مائة مرة مع
هذه الجماعة «الكاذبة».. التي وصفها الرئيس الأميركي أوباما بـ«البراغماتية»، بحسب
صحيفة «نيويورك تايمز».
والأمثلة كثيرة.. ففي انتخابات الرئاسة مع «إسهال» الوعود
الانتخابية التي أطلقها محمد مرسي - المرشح الرئاسي وقتها - في وجه مجموعة من
المثقفين والقوى السياسية الذين أيدوه وانتخبوه - وندموا بعد ذلك وتبرأوا منه -
فيما سمي في حينه «اتفاق فيرمونت»، الذي حنث الرئيس المنتخب به وبكل وعوده، مثلما
حنث بوعود المائة يوم.. ومثلما اختفى مشروع النهضة وطائره.. وبقي لنا فقط «بلبله»،
ومثلما حنثت جماعته بنسبة مرشحيها في برلمان الثورة.. وفي عدم ترشحها للرئاسة، وفي
كل ثوابتها الآيديولوجية وأهمها العلاقة مع أميركا وإسرائيل.. وهناك قائمة طويلة
كشفتها أسرار المرحلة الانتقالية التي أكدت بهلوانية «الإخوان» واستعدادهم لعمل أي
شيء ليصلوا ويحافظوا على هدفهم الوحيد.. وهو السلطة وبأي ثمن.
وبعد أن تجمعت كل السلطات في يد الرئيس المصري في خميس أسود،
لم يبق أمام أي معارض لهذه القرارات، إلا الشارع.
هذا هو التفسير الوحيد لـ«فعلة» مرسي..
اللهم رده عنها واكف مصر ما هي مقبلة عليه..
يا سيادة الرئيس ..
يا شعب مصر ..
رعب أكبر من هذا سوف يجيء..
فاعتصموا..
أو موتوا..
الأربعاء، 21 نوفمبر 2012
ابني مات
يعتصر الألم قلبي وقلمي على
أطفال أبرياء قتلوا بيد الإهمال والتخلف اللذين يطاردنا ظلهما في كل لحظة نحياها
في هذا البلد.. الذي يجتهد حكامه في أن يجبرونا على كرهه وهجره ولعنه.
فقد أب وأم.. أطفالهما الأربعة..
هل من بشر يتحمل هذه الصدمة الرهيبة؟ إن دماء هؤلاء الأطفال وزملائهم من طلبة معهد
«نور الأزهر» بمدينة منفلوط من ضحايا هذا الحادث الأليم في رقبة أولي الأمر إلى
يوم الدين.
قلت الأسبوع الماضي إننا لمقبلون
على «دم».. كنت أشم رائحته مع هواء القاهرة البارد في ليلها الخريفي الحزين
الكئيب.. كنت أرى ما لا تخطئه عين.. انفجارا وشيكا. الإهمال والفوضى بلغا حدا لا
يحتمل، والغضب ملأ القلوب، والحيرة تسيطر على ما تبقى من عقول.. الرؤية غائمة
والعربة تترنح، وعامل «السيمافور» نسي أن يغلق «المزلقان»، والسائق ضرير.. ترى ما
المصير؟!!
«واعتصموا بحبل الله جميعا ولا
تفرقوا».. قالها إمام أحد المساجد وهو يصرخ في جمهوره من المصلين ليتوحدوا خلف
الرئيس مرسي، ثم ختم محذرا إياه من مغبة حضور حفل تنصيب بابا الأقباط تواضروس
الثاني، فأدركت الفارق بين «التفصيل» و«الجاهز» عند «ترزية» الإسلام، وتأكدت من أن
«سايكس - بيكو» جديدة تنتظرنا.. تعيد تشكيل الجغرافيا المصرية والعربية وفق هوى
الساسة في أميركا وأوروبا.
على ذكر الجغرافيا، تلوح في
الأفق ملامح مؤامرة على سيناء، ويزداد اليقين فيها يوما بعد يوم.. تدعمها عودة اسم
«غزة» إلى الفضاء الإعلامي بقوة، مما ينقل الفكرة إلى حيز التنفيذ الجبري. رغم ذلك،
فإنني حزنت من عدم تعاطف بعض المصريين مع الأشقاء في غزة، وربما يرجع ذلك إلى
إحساس بالمؤامرة شعر به المصريون من وراء عملية «عمود السحاب» الإسرائيلية، التي
جرى تنفيذها بعد عملية «نسر سيناء» المصرية، فهل تعاقب «العمود» وراء «النسر» سبب
هذا اللغط، أم إن «الدخان» المتصاعد جراء هذه العملية قصد به إعماء عيوننا عن
إبصار ما يسرق في هذه اللحظة؟!!
من غزة إلى منفلوط، دماء تسيل
ودموع لا تجف، ورغم ذلك، فإن هناك من يتصارعون على «دستور»، وهناك فرحون بكأس
أفريقيا، وهناك محتجون يعطلون مترو الأنفاق لتصاب القاهرة بالشلل التام.. أي ملهاة
تعيشها مصر، وأي مصير ينتظر شعبها؟!!
حملت صرخته كل الإجابات.. إنه أب
مكلوم من أهالي منفلوط قالها لمذيع «ساذج» يسأله: «وتحب تقول إيه للرئيس مرسي؟»..
رد بلهجته الصعيدية الأصيلة: «أجولُّه يا ريس.. ابني ماااااااااااااات»... وبكى ..
وبكيت مصر معه.
الخميس، 15 نوفمبر 2012
نبوءة البنزين
أكملت «جمعة الشريعة» 9 نوفمبر 2012، بحسب
ما سماها من خرجوا فيها، حلقة جديدة من حلقات مسلسل «مصري» ينفذ على الطريقة
«التركية» من حيث طول العمل الدرامي، لكن بجودة تقارب الدراما «الخليجية» من حيث
سوء المستوى الفني الذي يجعلها لا تصلح حتى للتسويق المحلي. ولمن لا يعلم الكثير
عن صناعة الدراما المذاعة على الفضائيات العربية، أخبره بأن هذا العمل ستتم
«دبلجته» قريبا إلى اللهجة السورية!!!
يا بني مصر، إنا لمقبلون على «دم»..
والذبائح هذه المرة من المراعي المصرية..
أفيقوا قبل النحر.. رحمكم الله.
هذه ليست نبوءة عراف يخبركم بالطالع، ولا
تخمين من يدعي لنفسه قدرة استشراف المستقبل.. إن التصعيد والشحن الديني المتبادل
بين كل الأطراف، الذي وصل إلى التنابز
بـ«التكفير» هي «ملامح على الطريق» المراد لنا أن نخوض فيه.. لقد غرقت مصر في
بنزينها - رغم طوابير البحث عنه - وتنتظر من يشعل عود الثقاب الأخير لتحترق.
أقرأوا هذه العناوين لتدركوا أين وصلنا:
* «نعم نحن حطمنا تماثيل بوذا في
أفغانستان، وإننا مكلفون بتحطيم الأصنام، وسنحطم تماثيل (أبو الهول) و(الأهرامات)
لأنها أصنام وأوثان تعبد من دون الله». من حوار للشيخ مرجان سالم الجوهري القيادي
بالسلفية الجهادية مع الإعلامي القدير وائل الإبراشي على قناة «دريم».
* «لا يجوز لمسلم أن يشارك في احتفال
بإنهاء عهد الخلافة الإسلامية»، الحديث للشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة
السلفية تعليقا على حضور مساعد رئيس الجمهورية الدكتور عماد عبد الغفور حفل العيد
القومي للسفارة التركية لدى مصر.
*
«بعد مناقشات بين مشايخ الجبهة
السلفية.. تلقينا نصائح من عموم مشايخنا الكرام بعد أن تأكد لهم أن تنصيب البطريرك
أمر ديني يتعلق باعتقادات أهل ملته فيه، وهذا لا يعتقده ولا يرضاه مسلم لمخالفته
لديننا». بيان الدعوة السلفية حول حضور حفل تنصيب البابا الجديد للكنيسة المصرية.
هذه بعض الأقوال القليلة من «كثير» تكتظ
بها وسائل الإعلام بشتى أنواعها، وكلها
يؤكد مدى صحة «نبوءة البنزين» السابقة، ويبشرنا بما نحن مقبلون عليه بفضل الإخوة
المتعاملين في بورصة «الدين»، الذين بفضلهم تحول إلى تجارة رائجة - بدلا من أن
يكون عبادة رائجة - شيدت من أجلها «دكاكين الهواء»، التي تألق بعض روادها وتجلى
فصدر قرار بإيقافه 25 يوما.
تحضرني في النهاية كلمات قالها صديق
بريطاني عبر حسابه على «فيس بوك» يوم الجمعة الماضي: «غضبتم وبلغ غضبكم حد الحماقة
حينما ظهر فيلم قصير - لم يشاهده غيركم - مدته دقائق أنتجه بعض الأوغاد.. إذن ماذا
أنتم فاعلون مع مسلسل تنتجونه بالكامل يسيء إلى الإسلام والمسلمين.. وبالطبع يسيء
إلى رسولكم العظيم قبلكم؟!».
نشر هذا المقال في جريدة صوت الأزهر في عدد الصادر يوم الجمعة 16 نوفمبر 2012
الجمعة، 9 نوفمبر 2012
مشكلة الإسلام 3
تتضخم
مع كل مقال، مشكلة «مشكلة الإسلام»؛ العنوان الذي اخترته لمجموعة من المقالات نويت
فيها الاجتهاد في أمر أظنه الأهم في حياة هذه الأمة التي تقف حائرة في مفترق طرق.
ولن أزيد الأمر خلافا، بالحديث في أمر العنوان.. بأن أحاجي من اعترضوا، أو أرد على
من زايدوا، أو أطيب خاطر من غضبوا. لأني على قناعة بأن كل الطرق - بإذن الله - تصل
بنا إلى بر أمان، وهي قناعتي التي أخوض بها هذه المعركة؛ معركة الاجتهاد في الرأي
في أخطر وأصعب قضايانا الشائكة.
إن
مشكلة الإسلام - وهو تعبير مجازي - تكمن في أنه دين «ليبرالي» يعتنق الحرية ويدين
بها، دين أزال كل الوسطاء وحرم التجارة بالدين وأقر بالعلاقة المباشرة بين العبد
وربه، هذا الرب الذي وصف نفسه بـ99 اسما، كلها تقرب المسافة الشاسعة بين الخالق
والمخلوق، وتتيح لهذا المخلوق الضعيف أن يثق في ذاته، وفي أنه أسمى مخلوقات هذا
الرب في هذه الدنيا، وتتحول ثقته هذه إلى فعل وحركة تعمر هذا الكون وتغزو دروبه
كافة، بلا خوف أو تردد أو ارتباك، لأنه غفور ورحيم.
مشكلة
الإسلام، أنه دين «علماني» ذاب في الدولة والمجتمع وذاب معهما وفيهما، ذاب في
السياسة والاقتصاد، في الفن والرياضة، في الحب والزواج، ذاب في ذات الإنسان، ليطلق
عقله محلقا في سماء الكون الفسيح يدور في فلك الله بحثا عن سبل الحياة.. يخترع
ويبدع ويعيش في الدنيا كيفما شاء مسلما.. يعكس كل سلوكه إسلامه دون صخب ومزايدة
ودون قصد أو عمد.. ويتجلى الظهور واضحا في كل اختراع وإبداع.
مشكلة
الإسلام، أنه دين قائم على الاختلاف، وأن قمة الإسلام أن تمتلك جرأة الاختيار بين
بدائل.. لا يعني تعارضها أو تشابهها، أن أيا منها خطأ أو مكروه أو حرام، لكن يعني
أن «الاختلاف رحمة» وفق القاعدة الإسلامية، فإن لهذا الدين أربعة مذاهب مختلفة لا
يعني التزامك بأي منها أنك اخترت الصواب وما عداك مخطئون، لكن انتماءك لمذهب منها
يعني أن هذا هو الأصوب، من وجهة نظرك.
ما هي
مشكلة هذا الدين إذن؟
مشكلته
أنه دين «ديمقراطي».. ومشكلتنا أننا شعوب لا نقدر ثمن الحرية ولا نمتلك جرأة تحمل
مسؤولية الاختيار، لهذا أعدنا إنتاج الكهنة في كل مجال، وأصبحت مهنة «السمسار» هي
الأكثر جاذبية بين كل المهن، والأعلى في مكاسبها المادية والمعنوية، أقصد هنا
«السمسار» بمفهومه الشامل والمتسع؛ بداية من الدين، ونهاية بالسياسة، ومرورا بكل
مناحي الحياة. ويمكن أن تكتمل المفارقة بأن نتأمل مغزى أن تكون أكثر وسائل الإعلام
توزيعا هي جريدة «الوسيط»، لندرك أننا أمة كسولة وبليدة تبحث عن وسائل المساعدة
الخارجية، بينما الحل قابع داخل كل فرد منا.. في ذاته المتفردة التي أبدعها
«البديع» عز وجل.
نشر هذا المقال في جريدة صوت الأزهر في عدد الصادر
يوم الجمعة 9 نوفمبر 2012
الخميس، 25 أكتوبر 2012
مشكلة الإسلام 2
عن فصل علاقة الدين (السماء) بالدولة (الأرض) نتحدث
اليوم، وهي الإشكالية «الأم» في العقل العربي المعاصر، وليس استسهالا أن أبدأ القول
بأنها فكرة لا معنى لها وهي جملة «مشبوهة» تستخدم لمزيد من الشقاق بين عنصري الأمة
- في عصرنا الحالي - دينيين ومدنين..
فالإسلام لم يكن مطلقا دينا، فهو دنيا كاملة، والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام
وفق تصور فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وضع الحد لمجال تدخل السماء في حركة
الأرض، وأطلق العنان للنفس البشرية لتتفاعل مع الكون.. والإسلام حينما ينظر إلى
حركة الحياة يفرق بين حركة بنت تجربة، وحركة وليدة هوى.
هنا مكمن الخطر، إن اللعب بـ«الإسلام» وفق
الهوى واستخدامه من أهل السياسة وتوظيفه لمصالح انتخابية جريمة يجب أن يعاقب عليها
القانون، ويجب أن لا تستخدم حجة أنه لا فصل بين الدين والدولة لإرهابنا، لأننا لا
نفصل.. ولا يوجد مسلم عاقل يفكر في هذا الفصل الفاسد شرعا، لكننا نريد فصلا آخر
بين الأهواء والإسلام.. فصلا بين هوس السلطة وحب الدين.. فصلا بين لذة الحكم ومتعة
التقرب إلى الله.
وأنا أجهز لمقالي هذا، استمعت «مصادفة» لكلمة
الرئيس المصري محمد مرسي عقب صلاة الجمعة الأخيرة في محافظة مطروح، حيث قال نصا:
«أريد فعلا أن أنصت إليكم وأستمع، وسوف ألتقي بكم.. لأننا في المسجد الآن، لعل
المكان في المسجد غير مناسب لهذا، وإن كان المسجد كان دائما على عهد رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) كما تعلمون هو المكان الذي تنطلق منه كل أعمال المجتمع..
أقول سوف يكون هناك لقاءان بعد الآن؛ واحد منهم مع المشايخ والقبائل، والآخر مفتوح
للجميع».
إن التردد واضح في خطاب الرئيس بشأن استخدام
المسجد في السياسة.. هو يرى أنه «مكان غير مناسب» لكنه يخشى من مغالاة بعض
المتشددين فيعود ليؤكد دوره الجامع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دور لا
ينكره إلا جاحد، كما لا يستطيع أن ينكر إلا جاهل أن حركة التطور الإنساني هي التي
فرضت على الرئيس المصري أن يصطحب جماهيره إلى سرادق بعيد عن المسجد، وما لم يقله
الرئيس مرسي لكنه وصل ضمنيا من حديثه ومحاولته تهدئة الجماهير المحتشدة وحثها على
احترام المسجد بعدم الهتاف، هو أن صخب اللقاءات السياسية عمل لا يناسب قدسية
المسجد ودوره الرئيسي كمكان للعبادة.
لكن هل يعتبر ما قام به الرئيس مرسي فصل للدين
عن الدولة، وهل قيام مصر تحت قيادته بالاقتراض من صندوق النقد مخالفة لشريعة
الإسلام، وهل مخاطبته الرئيس الإسرائيلي بيريز بـ«صديقي العزيز» تعتبر «خيانة
وطنية ودينية» - بحسب قيادي إخواني - وأخيرا: هل يمكن وزن الذهب بميزان
«قباني»؟؟؟؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الحلقة المقبلة
إن شاء الله.
نشر هذا المقال في جريدة صوت الأزهر في عدد الصادر يوم الجمعة 26 أكتوبر 2012
الجمعة، 19 أكتوبر 2012
مشكلة الإسلام 1
لا حول ولا قوة إلا بالله، هل يمكن أن
يتحول الإسلام إلى مشكلة؟ سؤال مثير وساخن أرجو ألا يتوقف عنده القارئ قبل أن
يستكمل رحلته مع سلسلة من المقالات التي ستتوالى تحت هذا العنوان.
بداية، المشكلة ليست في الدين الذي تحول على
أيدينا إلى مشكلة، فأمور كثيرة في حياتنا تحولت بفعل الجهل إلى مشاكل مزمنة.. ولعل
ما حدث في ميدان التحرير يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 وتداعياته تؤكد مدى ما بلغناه
من جهل، وتنذر بما هو قادم.
حفظ الله مصر.
ولكن متى أصبح الإسلام مشكلة، وكيف يمكن
أن يتحول «دليل هدى» إلى «مرشد ضلال»، وكيف ينقلب النور إلى ظلمة، وكيف تتبدل راحة
القلوب وسماحتها إلى غلظة وقسوة وحقد؟ أسئلة كثيرة تستنطق الصمت الذي خيم على
المصريين، وتدفع كل مهموم بقضايا هذه الأمة إلى أن يجتهد في بحور الإجابات.
وفي سياق هذا الإبحار، سألتقط من التاريخ
الحديث «لحظتين».. أعتقد أنه حتى الآن لم يستطع العقل المسلم المعاصر هضمهما بشكل
طيب، وشكلتا لديه حالة من عسر الهضم والفهم والامتصاص، وهو ما ساعد على بقائنا
لقرنين من الزمان في حالة انتفاخ فكري؛ شفانا الله وإياكم من شره.
أما اللحظة الأولى فهي: الحملة الفرنسية
على مصر 1798-1801 ميلادية، والثانية كانت: سقوط الخلافة العثمانية عام 1923،
وأعتقد أن كل الأحداث التي مرت على أمتنا الإسلامية في العصر الحديث كانت أسيرة
لهاتين اللحظتين، وأعتقد أن اللحظة الثالثة التي تقاربهما في الثقل على الإسلام
والمسلمين هي لحظة وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم مصر قبل أشهر من عامنا هذا
2012، وسأترك الزمن ليحكم على عمق تأثير اللحظة الثالثة ومدى أهميتها في سياق
التاريخ الإسلامي.
وأمام اللحظات الثلاث تجسدت مشكلة
الإسلام، أو مشكلتنا مع الإسلام، وبدلا من أن يدفعنا زخم هذه اللحظات ودوي تأثيرها
إلى الاجتهاد والتعقل، سقطنا في بئر الصراعات والخلافات، وأمام كل لحظة تجسد
انشطار الأمة إلى فصيلين متصارعين يدعى كلاهما احتكاره الحقيقة.
وتمثل هذه القناعة أولى ملامح الجهل الذي
أدخلنا هذا السرداب، الذي لم تفلح كل الجهود في أن تخرجنا منه طوال أكثر من قرنين
من الزمان.
لو فهمنا ثقافة الاختلاف، وتعملنا قبول
الآخر وبحثنا دوما عما نتفق فيه كي نتقارب، لكنّا أنهينا هذا الليل الذي طال بأكثر
من قدرته على الاحتمال.. ولو كنا شعرنا بإسلامنا، لذابت قلوبنا في فيض نوره.
وفي تشخيصه البديع لمشكلتنا مع الإسلام،
أوجز كاتبنا الكبير الأستاذ خالد محمد خالد، رحمه الله، قائلا: «إننا من طول ما
ألفنا بعض الآيات القرآنية، وبعض الأحاديث النبوية، أصبحنا لا نهتز من أعماقنا
للسر الباهر الذي تحمله، والحكمة الثاقبة التي تمنحها».
الجمعة، 12 أكتوبر 2012
المسجد السياسي
تحرر المصريون بعد يناير 2011 من عبودية الأفكار
النمطية وأخرجوا عقولهم من الكهف المعتم، وتمردوا على السير في ركب القطيع خلف
الحاكم وأعوانه. وإذا كان تحرير العقل المصري هو القيمة التي حصدناها خلال عامين
من الشقاء المتواصل، فهي نعمة كبيرة يجب ألا نفرط فيها ونعود لسابق عهدنا من
الاستسلام والتسليم، فنجد أنفسنا أمام سيناريو مكرر لفساد نظام الحكم، وهو الفساد
الذي يحدث بسبب رئيسي؛ هو سلبيتنا وتكاسلنا عن ممارسة دورنا بصفتنا شعبا يختار
ويقيم ويحاسب حكامه بمنتهى الحزم والقوة.
طالت مقدمتي، ولكنها صلب في ما أنتوي الحديث عنه،
وحديثي عن مستحدثات ولدت من رحم «يناير» ورسمت ملامح حياتنا السياسية المعاصرة؛
ويأتي على رأسها دخول السياسة إلى المسجد بعد أن كانت من المحرمات ومن الجرائم
التي يعاقب عليها القانون في عصور سابقة، وولّد هذا الدخول جدلا مجتمعيا كبيرا وصل
إلى حالة من التراشق بين القوى السياسية، وهو أمر لن يصل بنا إلى نتائج إيجابية
نرجوها جميعا.
أرى أنه على المجتمع أن يعيد التفكير في هذه القضية
ويقننها بشكل يتناسب مع احتياجاته، خاصة بعد أن أصبحت أمرا واقعا.. فكل مساجد مصر
أصبحت منابر سياسية تعبر عن قوى إسلامية تمارس السياسة، وحتى يحدث هذا التقنين يجب
أن يتواصل حوار ناضج بين التيارات المختلفة.. نناقش فيه قضية السياسة داخل المسجد،
وأيضا داخل الكنيسة، والجامعة، والمدرسة، وكل مؤسسات الدولة التي يمكن أن تستثمر
من بعض القوى الحزبية لممارسة عملها السياسي، مع ضرورة أن نضع في الاعتبار تجارب
الماضي في المنع والسماح بدخول السياسة إلى هذه المؤسسات وتأثيراتها السلبية
والإيجابية على المجتمع وتماسكه.
وربما يكون «المسجد السياسي» هو الأكثر إلحاحا في
هذه اللحظة، خاصة بعد أن تنامت شجرة الإسلام السياسي وتباينت فروعها وثمراتها..
ورغم التحالف الظاهري بين هذه الفروع في مواجهة التيار المدني، فإن بوادر الاختلاف
والانقسام والتصارع بدأت تلوح في الأفق، وهو نذير شر علينا أن نتجنبه.. كما أن
ممارسة السياسة في دور العبادة ستسمح لإخواننا الأقباط بأن يفعلوا المثل في
كنائسهم.. فهل يحتمل المجتمع ذلك؟ لا أدري، وليست لدي إجابات مجهزة عن هذه
المعضلة.
ولعلي أقبل ما قاله الأستاذ حسن البنا، رحمه الله،
في «رسالة بين الأمس واليوم»: «إذا قيل لكم: إلامَ تدعون؟ فقولوا: ندعو إلى
الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من
فرائضه. فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه
الأقسام«.
كما أقبل فكر الليبرالية الداعي لفصل الدين عن
السياسة، وجعل «ما لله لله، وما لقيصر لقيصر»، فهو نتاج تراكم معرفي وخبرات
إنسانية عظيمة خاضتها البشرية ووصلت فيها إلى نتيجة اعتقدت أنها الأصوب تتيح
لأصحاب ديانات مختلفة أن يعيشوا في سلام تحت سماء وطن واحد.
كلاهما صحيح، لأن للحقيقة وجوها عدة ومذاهب شتى كلها
على صواب وكلها أحق أن تتبع، لكن خصوصية مصر تجعل الاختيار بين «الدينية»
و«المدنية» شديد الصعوبة والخطورة.. لهذا، فالأمر يحتاج إلى تنوير وتفكير وحسن
تدبير لصناعة اختيار بديل يحقق التوافق المجتمعي المرتجى.
نشر هذا المقال في جريدة صوت الأزهر في عدد الصادر يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012
الجمعة، 5 أكتوبر 2012
جسر الأزهر
أرى، ومعي كثيرون، أن الأزهر الشريف هو الحصن الأخير
الذي يحتمي به الدستور الوليد المنعقدة لجنته التأسيسية برئاسة المستشار حسام
الغرياني لوضع اللمسات الأخيرة عليه قبل طرحه للاستفتاء الشعبي خلال أسابيع
قادمة.. ونوع الحماية المطلوبة من الأزهر؛ شيخا ومؤسسة، هو فض الاشتباك الديني
المثار دائما بين أطراف عدة بالمجتمع تطالب بنصوص أو ضوابط دستورية وفق تفسيرها
الخاص وقراءتها المرجعية للإسلام.
ورغم ضغوط عديدة تمارس على الأزهر - لا تخطئها عين -
فإن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب يجاهد بصبر ومثابرة كي يلعب هذا الدور
المحوري والمؤثر في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الأمة، منذ أن نجح في أن يجمع
توافق القوى السياسية على «وثيقة الأزهر» الشهيرة وحتى اجتماعات الأسبوع الماضي مع
القوى الليبرالية والإسلامية لحسم خلافات كبيرة شقت الصف داخل الجمعية التأسيسية
للدستور، ودفعت البعض للتلويح بالانسحاب من الجمعية اعتراضا على رغبة البعض الآخر
من القوى السياسية في فرض رأي أو ترجيح تفسير يعتقد صوابه..
وهو ما عالجه الإمام الأكبر بحكمة وهدوء، أعادت
السكينة إلى المجتمعين وأذابت جزءا كبيرا من الخلافات والاختلافات، فعاد الجميع
إلى اجتماعاتهم لبحث التفاصيل النهائية لأبواب الدستور الذي تنتظره جموع المصريين.
وخلافات الرأي أمر بديهي في وضع دستور جديد لأي دولة
في العالم، تحلم أن تضع بهذا الدستور لبنات أولى لمستقبل تظنه أفضل، ولما كانت
الطموحات كبيرة في دستور مصر بعد 25 يناير 2011، فإن الخلاف طبيعي، لكن أخطر ما
يواجه هذه الخلافات هو «أسلمتها»، فهذا الخلاف الديني يضعنا في مأزق
الانزلاق إلى فتنة، ويزيد من صعوبة الموقف حالة الاستقطاب المجتمعي التي شطرت
المجتمع إلى نصفين، ينظر كل «نصف» للآخر بريبة وشك وتربص.
وهذا هو مربط الفرس في مقالي هذا.. إني أرجو فضيلة
الإمام الأكبر أن يدعو كل القوى السياسية والدينية في مصر إلى مؤتمر عاجل للمصالحة
الوطنية في رحاب الأزهر الشريف، ليعيد النصفين كليهما لبعض، ويكون المؤتمر هو
«الجسر» الذي تعبر عليه مصر من كبوتها إلى مستقبل مشرق نتمناه لها بسواعد
أبنائها.
إن نبرة العداء والاتهامات المجانية المتبادلة بين
أطراف العمل الوطني في مصر، أصبحت كارثة تعرقل مسيرة الوطن نحو بناء مؤسساته
الوطنية، كما أن اتساع الهوة بين تياري السياسة المصرية - الديني والليبرالي -
يجبرنا على أن نبني هذا الجسر وبأسرع وقت ممكن، ولا يوجد أمامنا اختيار بديل إلا
الأزهر الشريف؛ منبر التسامح والعقلانية في مجتمع يعيش تخبطه الثوري ويبحث عن دليل
يهديه.
إن رجائي إلى فضيلة الإمام الأكبر مبعثه اقترابنا من
لحظات كثيرة فارقة تحسم مصير الدستور وجمعيته، ولحظات أشد قسوة سنشهد فيها أشرس
انتخابات برلمانية ستعرفها مصر في تاريخها السياسي، لذا، وقبل أن تسرقنا شهوة
السلطة إلى صراع لا ينتهي إلا بالدم، فإن المصالحة أصبحت فرض عين على كل مصري كي
تصبح المنافسة شريفة ونزيهة.. وحقيقية.
نشر هذا المقال في جريدة "صوت الأزهر" عددها الصادر 5 أكتوبر 2012
الاثنين، 17 سبتمبر 2012
حمد لله ع الكتابة / طقس جديد للتعذيب
بأمسح تراب ناعم
مخلوط بالندى
بقايا ليلة مترددة ..
متأكدة ..إن الشجرة إياها
أم خد ناشف وعينين مقرمشين
نامت في إيدي
ولا دابت لما فركت لحظاتنا اللي كانت جميلة
ده طقس جديد للتعذيب
ولا احتفال بعودة الدهشة
((حمد لله ع الكتابة))
بأرسم كل خطوط الحياة
بالتوازي
اللقا لحظة ..
أوعاك تنتظرها ..
مين ده اللي يقدر !!
البلياتشو اللي عتق في
السندرة
ولا عسكري الدورية ..
اللي خطفه الموت في عز اندماجه
كل البلاد اللي شبهك اتجوزت ..
ومافضلش غيرك مدينة حنينة ..
مخلوطة بالندى وترابها ناعم
لما باعمل مش فاهم .. بأبقى
وطن
ولما بافهم .. بتبقي وردة
بيضا
دبلانة.. في إنتظار الربيع
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014
كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي.. وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...
-
«أعشق الخوخ المثلج.. لأنه يذكّرني بشفتيها اللتين قضمتهما يوم أن منحتني شرف تقبيلها لأول مرة.. لن أذكر اسمها، فهي تتذكرني جيدا.. مثل كل ب...
-
فجأة ودون سابق إنذار، طاردتني السيدة سهير رمزي، بعد أن انقطع عني منذ زمن بعيد أي جديد عنها، إلا بعض الأخبار النادرة والمفبركة عن أعما...
-
أسعدتني المداخلة الفضائية للرئيس السيسي قبل أيام مع برنامج «القاهرة اليوم» أقدم وأشهر برامج الـ«توك شو» العربية، فقد أشاعت قدر من التفا...