الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

ابني مات



يعتصر الألم قلبي وقلمي على أطفال أبرياء قتلوا بيد الإهمال والتخلف اللذين يطاردنا ظلهما في كل لحظة نحياها في هذا البلد.. الذي يجتهد حكامه في أن يجبرونا على كرهه وهجره ولعنه.
فقد أب وأم.. أطفالهما الأربعة.. هل من بشر يتحمل هذه الصدمة الرهيبة؟ إن دماء هؤلاء الأطفال وزملائهم من طلبة معهد «نور الأزهر» بمدينة منفلوط من ضحايا هذا الحادث الأليم في رقبة أولي الأمر إلى يوم الدين.
قلت الأسبوع الماضي إننا لمقبلون على «دم».. كنت أشم رائحته مع هواء القاهرة البارد في ليلها الخريفي الحزين الكئيب.. كنت أرى ما لا تخطئه عين.. انفجارا وشيكا. الإهمال والفوضى بلغا حدا لا يحتمل، والغضب ملأ القلوب، والحيرة تسيطر على ما تبقى من عقول.. الرؤية غائمة والعربة تترنح، وعامل «السيمافور» نسي أن يغلق «المزلقان»، والسائق ضرير.. ترى ما المصير؟!!
«واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».. قالها إمام أحد المساجد وهو يصرخ في جمهوره من المصلين ليتوحدوا خلف الرئيس مرسي، ثم ختم محذرا إياه من مغبة حضور حفل تنصيب بابا الأقباط تواضروس الثاني، فأدركت الفارق بين «التفصيل» و«الجاهز» عند «ترزية» الإسلام، وتأكدت من أن «سايكس - بيكو» جديدة تنتظرنا.. تعيد تشكيل الجغرافيا المصرية والعربية وفق هوى الساسة في أميركا وأوروبا.
على ذكر الجغرافيا، تلوح في الأفق ملامح مؤامرة على سيناء، ويزداد اليقين فيها يوما بعد يوم.. تدعمها عودة اسم «غزة» إلى الفضاء الإعلامي بقوة، مما ينقل الفكرة إلى حيز التنفيذ الجبري. رغم ذلك، فإنني حزنت من عدم تعاطف بعض المصريين مع الأشقاء في غزة، وربما يرجع ذلك إلى إحساس بالمؤامرة شعر به المصريون من وراء عملية «عمود السحاب» الإسرائيلية، التي جرى تنفيذها بعد عملية «نسر سيناء» المصرية، فهل تعاقب «العمود» وراء «النسر» سبب هذا اللغط، أم إن «الدخان» المتصاعد جراء هذه العملية قصد به إعماء عيوننا عن إبصار ما يسرق في هذه اللحظة؟!!
من غزة إلى منفلوط، دماء تسيل ودموع لا تجف، ورغم ذلك، فإن هناك من يتصارعون على «دستور»، وهناك فرحون بكأس أفريقيا، وهناك محتجون يعطلون مترو الأنفاق لتصاب القاهرة بالشلل التام.. أي ملهاة تعيشها مصر، وأي مصير ينتظر شعبها؟!!
حملت صرخته كل الإجابات.. إنه أب مكلوم من أهالي منفلوط قالها لمذيع «ساذج» يسأله: «وتحب تقول إيه للرئيس مرسي؟».. رد بلهجته الصعيدية الأصيلة: «أجولُّه يا ريس.. ابني ماااااااااااااات»... وبكى .. وبكيت مصر معه.

هناك تعليقان (2):

  1. ابكيتنا بكلماتك المؤثرة ، رغم أن الدموع لم تجف منذ شاهدت أعيننا أطفال أبرياء يتحولون إلى أشلاء وقطع متناثرة على القضبان الحديدية.
    كل هذا بفعل الإهمال الذى يصر أن يؤرق نومنا ويحول أحلامنا إلى كوابيس مؤلمة فى ظلام الليل وواقع مرير فى ضوء النهار .
    أستاذى العزيز .. لقد جسدت كلمات البسيطة ما نشاهده ونسمعه يومياً فى الواقع المرير الذى تحياه البلاد والمستقبل المظلم الذى لا نرى منه الا كيانات سياسية مهترئة تسعى إلى كسب مصالح مادية وسياسية على حساب شعب قارب عدد سكانه على الـ 100 مليون نسمه .
    " ابنى مات " كلمات رغم وقعها الشديد على مسامع الجميع ومرارتها الحارقة ، الا أنها تظل سحابة سوداء وهواءاً مسموماً يتنفسه آباء الضحايا .

    ردحذف
  2. أصبت يا أستاذي.. شيء ما يسرق في الخفاء بعيدا عن «النسر» و«السحاب».. شيء اسمه «وطن».. ماذا يحدث؟؟ لماذا كل هذا الغموض في المشهد..؟
    أين الشفافية التي كانت مواعيد عرقوب لها مثلا..!!

    (وتأكدت من أن «سايكس - بيكو» جديدة تنتظرنا..).. هذا ما كنت أخشاه..!! بعد نبوءة "رائحة الدم" ترعبني هذه النبوءة..
    لنا الله!!

    ردحذف

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...