الجمعة، 9 نوفمبر 2012

مشكلة الإسلام 3



تتضخم مع كل مقال، مشكلة «مشكلة الإسلام»؛ العنوان الذي اخترته لمجموعة من المقالات نويت فيها الاجتهاد في أمر أظنه الأهم في حياة هذه الأمة التي تقف حائرة في مفترق طرق. ولن أزيد الأمر خلافا، بالحديث في أمر العنوان.. بأن أحاجي من اعترضوا، أو أرد على من زايدوا، أو أطيب خاطر من غضبوا. لأني على قناعة بأن كل الطرق - بإذن الله - تصل بنا إلى بر أمان، وهي قناعتي التي أخوض بها هذه المعركة؛ معركة الاجتهاد في الرأي في أخطر وأصعب قضايانا الشائكة.
إن مشكلة الإسلام - وهو تعبير مجازي - تكمن في أنه دين «ليبرالي» يعتنق الحرية ويدين بها، دين أزال كل الوسطاء وحرم التجارة بالدين وأقر بالعلاقة المباشرة بين العبد وربه، هذا الرب الذي وصف نفسه بـ99 اسما، كلها تقرب المسافة الشاسعة بين الخالق والمخلوق، وتتيح لهذا المخلوق الضعيف أن يثق في ذاته، وفي أنه أسمى مخلوقات هذا الرب في هذه الدنيا، وتتحول ثقته هذه إلى فعل وحركة تعمر هذا الكون وتغزو دروبه كافة، بلا خوف أو تردد أو ارتباك، لأنه غفور ورحيم.
مشكلة الإسلام، أنه دين «علماني» ذاب في الدولة والمجتمع وذاب معهما وفيهما، ذاب في السياسة والاقتصاد، في الفن والرياضة، في الحب والزواج، ذاب في ذات الإنسان، ليطلق عقله محلقا في سماء الكون الفسيح يدور في فلك الله بحثا عن سبل الحياة.. يخترع ويبدع ويعيش في الدنيا كيفما شاء مسلما.. يعكس كل سلوكه إسلامه دون صخب ومزايدة ودون قصد أو عمد.. ويتجلى الظهور واضحا في كل اختراع وإبداع.
مشكلة الإسلام، أنه دين قائم على الاختلاف، وأن قمة الإسلام أن تمتلك جرأة الاختيار بين بدائل.. لا يعني تعارضها أو تشابهها، أن أيا منها خطأ أو مكروه أو حرام، لكن يعني أن «الاختلاف رحمة» وفق القاعدة الإسلامية، فإن لهذا الدين أربعة مذاهب مختلفة لا يعني التزامك بأي منها أنك اخترت الصواب وما عداك مخطئون، لكن انتماءك لمذهب منها يعني أن هذا هو الأصوب، من وجهة نظرك.
ما هي مشكلة هذا الدين إذن؟
مشكلته أنه دين «ديمقراطي».. ومشكلتنا أننا شعوب لا نقدر ثمن الحرية ولا نمتلك جرأة تحمل مسؤولية الاختيار، لهذا أعدنا إنتاج الكهنة في كل مجال، وأصبحت مهنة «السمسار» هي الأكثر جاذبية بين كل المهن، والأعلى في مكاسبها المادية والمعنوية، أقصد هنا «السمسار» بمفهومه الشامل والمتسع؛ بداية من الدين، ونهاية بالسياسة، ومرورا بكل مناحي الحياة. ويمكن أن تكتمل المفارقة بأن نتأمل مغزى أن تكون أكثر وسائل الإعلام توزيعا هي جريدة «الوسيط»، لندرك أننا أمة كسولة وبليدة تبحث عن وسائل المساعدة الخارجية، بينما الحل قابع داخل كل فرد منا.. في ذاته المتفردة التي أبدعها «البديع» عز وجل.

نشر هذا المقال في جريدة صوت الأزهر في عدد الصادر يوم الجمعة 9 نوفمبر 2012

هناك تعليقان (2):

  1. الأستاذ الفاضل : رغم أن كامل المقال يدعوا إلى الخير بأجل معانيه ، إلا أن قاعدته غير صحيحة وهى " الاختلاف رحمة " رجاء مراجعة آيات الاختلاف في القرآن الكريم ، ويمكنني أن أحيلك لرابط يوضح اشكالية الاختلاف

    ردحذف
  2. أمامنا الكثير لندرك كل هذا..
    يا سيدي نحن شعول اعتادت الحكي.. ثقافتنا ثقافة سمعية..
    نحن لا نبحث عن أي شيء.. ونريد أن نستقي كل شيء بالملعقة..
    ولهذا وجد تجار كل الكلام مساحة وسوقًا عندنا..
    لأننا لا نريد أن نفكر.. لا نريد أن نقرأ.
    فقط جرب أن تدخل في نقاش مع شخص عن رواية او كتاب يقول عنه احد المشايخ أنه كتاب حرام او رواية حرام..
    ستجد أنه لم يقرأ الكتاب ولا الرواية.. ويقول لك يكفيني ان الشيخ فلان قال ان هذا حرام..
    لكن.. ما عيب أن يكتشف الانسان..؟
    ما يعب أن يكون عقله حاضرًا وقلبه مفكرًا؟
    نحن لا نستطيع.. حتى عقولنا سيتم تدجينها ووضعها في حظائر بقوانين المنع والحظر والحجب.
    سعدت بك.

    ردحذف

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...