الجمعة، 23 نوفمبر 2012

عيون الحرية .. برتقال FRESH في التحرير


صورة حية من ميدان التحرير - الجمعة 23 نوفمبر - تصوير: أبو شامة


دائما ما يطارد «المُصنع» بضمانات الأمان وراحة البال، كل مقابل طبيعي طازج.. هذا ما جعل خطواتي مترددة وأنا أتجه نحو بائع عصير البرتقال الـ«FRESH» الواقف عند ناصية شارع قصر النيل بمدخله من ميدان التحرير وهو يمارس عمله في حماس وإتقان، وقبل أن أسأله.. أجابني.. وقبل أن أطلب.. شربت!!
ومع طزاجة عصير البرتقال ومذاقه الشهي، قضيت لحظات بديعة من جمعة اليوم التي اختلفت أسماؤها بحسب الموقف السياسي، ولكنها في التحرير كانت للغضب والرفض الواضح لإعلان مرسي الدستوري الذي استحوذ فيه على مصر وهدم الدولة.. أسقط سلطة القضاء.. ليعلن نفسه فرعونا مطلق الصلاحيات.
كل شيء في هذه الجمعة كان FRESH.. الثورة طازجة.. والشباب الثائر طازج.. والقوى السياسية الحقيقية متوحدة وطازجة، بعيدا عن قطعان الدينيين من إخوان وسلفيين.. كل شيء فطري.. الحشود انتظمت والآلاف تجمعوا في ميادين التحرير.. بلا أوتوبيسات الأقاليم.. وجو مظاهرات «المعازيم» على الطريقة البلتاجية العريانة.
مصر تجدد ثورتها.. وتجدد حلمها.. وتحلق ذقنها..
هي جمعة 23 نوفمبر بإيجاز شديد..
الوجوه التي شاهدتها من كل الفئات والطوائف، رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا.. خرجت لتحمي دولتها.. تحمي تاريخها ومستقبلها.. تحمي الوطن الذي يفككه مرسي وجماعته ويهدمون أركانه، ليشيدوا مشروعهم التاريخي المتخيل.. مشروعهم الوهمي الذي لن يتحقق.. لأنه ببساطة غير موجود.. هذا ما أثبتته الأفعال بعد هذه الشهور التي قضاها مرسي حاكما لمصر ولم يظهر لنا مشروع «النهضة» الذي تصدر حملته الانتخابية.. وحتى تاريخه لم نر منه أي نهضة.
وبعد أن أدخلنا الرئيس المنتخب في معركة وهمية حول النائب العام، وحمّله كل الفساد الماضي وكل الكساد الحالي.. وأصدر إعلانا دستوريا و3 قوانين كلها يصب في نهر الديكتاتورية الذي يجلس مرسي على شاطئه ومن خلفه جماعته.. وقد ذاقوا لذة ماء الحكم المطلق.. الذي لا يروي ولا يُشبع.. وهم لن يرتووا!!
وهذا ما يخشاه كل العقلاء في مصر.
المسخرة الحقيقية، كانت في تبريرات الإخوان وحديثهم عن أن هذه «الديكتاتورية» مؤقتة ولن تزيد عن شهور معدودة، وعندما تسألهم عن الضامن لذلك.. يحدثونك بكل ثقة عن «كلمة شرف»، مغفلين أنه فيلم أبيض وأسود شاهدناه مائة مرة مع هذه الجماعة «الكاذبة».. التي وصفها الرئيس الأميركي أوباما بـ«البراغماتية»، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
والأمثلة كثيرة.. ففي انتخابات الرئاسة مع «إسهال» الوعود الانتخابية التي أطلقها محمد مرسي - المرشح الرئاسي وقتها - في وجه مجموعة من المثقفين والقوى السياسية الذين أيدوه وانتخبوه - وندموا بعد ذلك وتبرأوا منه - فيما سمي في حينه «اتفاق فيرمونت»، الذي حنث الرئيس المنتخب به وبكل وعوده، مثلما حنث بوعود المائة يوم.. ومثلما اختفى مشروع النهضة وطائره.. وبقي لنا فقط «بلبله»، ومثلما حنثت جماعته بنسبة مرشحيها في برلمان الثورة.. وفي عدم ترشحها للرئاسة، وفي كل ثوابتها الآيديولوجية وأهمها العلاقة مع أميركا وإسرائيل.. وهناك قائمة طويلة كشفتها أسرار المرحلة الانتقالية التي أكدت بهلوانية «الإخوان» واستعدادهم لعمل أي شيء ليصلوا ويحافظوا على هدفهم الوحيد.. وهو السلطة وبأي ثمن.
وبعد أن تجمعت كل السلطات في يد الرئيس المصري في خميس أسود، لم يبق أمام أي معارض لهذه القرارات، إلا الشارع.
هذا هو التفسير الوحيد لـ«فعلة» مرسي..
اللهم رده عنها واكف مصر ما هي مقبلة عليه..
يا سيادة الرئيس ..
يا شعب مصر ..
رعب أكبر من هذا سوف يجيء..
فاعتصموا..
أو موتوا..


هناك 4 تعليقات:

  1. الله عليك ..جبت اللي جوا الفؤاد عن مصر متعبي....بس كنت سيبوا يحكي لهم حكاية البلبل

    ردحذف
  2. دائماً تطرق أبواب الآلآم التى يعيشها الشعب الحزين بكلماتك أستاذنا ،،
    لقد قضى الاخوان بالاعلان الدستورى الأخير على كرامة المصريين التى حصلوا عليها بعد 30 عاماً من العناء ، واستكثروا على الشعب أن يعيش هواء الحرية النقى دون قوانين وقيود تعرقل حركته ومسيرته ..

    أما " كلمة شرف " فهذه هى الخديعة التى يلعب بها الاخوان على جميع التيارات السياسية، فقد كذبوا بها على التيارات التى تحالفت معهم حتى أورثتهم حكم مصر ، واليوم يندبون حظهم فى الخفاءلأنهم تحالفوا مع فصيل لا يعرف عن الشرف شىء .

    ردحذف
  3. اتمني ان يظل التحرير بنفس الروح والحماس الفريش فمازل امامنا الكثير لنحققه
    مقال رائع اصابت فيه كالعادتك دواما استاذي
    تحياتي

    ردحذف
  4. تحياتي لهذا المقال الـ(Fresh) أستاذنا العزيز.. كالعادة، وضعت أصبعك على الجرح.. وليتهم يسمعون..!!
    اللهم ألهمنا (الاعتصام) قبل (الموت)..

    ردحذف

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...