الخميس، 15 فبراير 2018

«لاظ شقلباظ» بين تركي «بجم».. وتركي «هجم»


تأخَّرَت مصر كثيرًا في قرارها المحترم، بحذف اسم «سليم الأول»، أحقر سلاطين الأتراك، من أبرز شوارع حيِّ الزيتون القاهري، الذي كان وجود اسمه على أحد الشوارع المصرية.. كارثة تستحق أن يُحقَّق في تاريخها، إذ إن الشعوب المحترمة لا تخلِّد مستعمريها ولا تمنحُهُم فرصة البقاء، إلا إذا كانت شعوبًا مريضة تستمتع بسيرة جلاديها، وظنِّي أننا - المصريين - أبعد ما نكون عن ذلك.
كل التحية لمحافظ القاهرة المهندس عاطف عبد الحميد، على قراره الجريء الذي صحَّح المسار، وردَّ الاعتبار لكرامة الشعب المصري من «سليم العابس»، بحسب وصف الإنجليزُ للسلطانَ الغازي «سليم الأول القاطع»، تاسع السلاطين العثمانيين وأوّل من لقَّب نفسه بـ«أمير المؤمنين» من آل عثمان.. حَكَم الدولة العثمانية بين عامي 1512 و1520م، ووصل إلى عرش السلطنة بعد انقلابٍ قام به على والده «بايزيد الثاني»، بدعم من الإنكشارية وخاقان القرم، ونجح بمؤازرتهم في مطاردةِ إخوته وأبنائهم والقضاء عليهم، وقد لقَّبَه الفرنساويين بـ«سليم الرهيب».
وقد انتصر على المماليك في مرج دابق، واستولى على سوريا، ثم توجَّه لمصر، وفي 23 يناير (كانون الثاني) عام 1517، دخل سليم الأول القاهرة في موكب حافل وأحاط به جنوده وهم يحملون الرايات الحمراء (شعار الدولة العثمانية)، وباغته طومان باي (خليفة الغوري سلطان المماليك) وجيشه بهجمات مُزلزِلة في منطقة «بولاق»، قبل أن يطلق الجنود العثمانيون النيران على المصريين، ويقتلوا ما لا يقل عن 50 ألف نسمة، وبعدها أمر سليم الأول بقتل طومان باي شنقًا بباب زويلة.
وجاء قرار المحافظ الشجاع متزامنًا مع تصريحات عبثية من وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، حول الاتفاق المبرم بين مصر وقبرص بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، حيث نقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية (شبه الرسمية) عن أوغلو قوله إن تركيا «تقدمت بطلب لرفض الاتفاقية بين مصر وقبرص»، وقد رَدَّت الخارجية المصرية عبر المتحدث الرسمي للوزارة، المستشار أحمد أبو زيد، الذي قال: «إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، إذ إنها تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة»، وحذّر أبو زيد من أي محاولة لـ«المساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة»، مؤكدًا أن مصر تعتبر ذلك «أمرًا مرفوضًا وسيتم التصدي له».
الهجوم التركي على مصر لا يتوقف، ولم يكتفِ إردوغان وشِلَّتُه بإيواء ودعم مجموعات إرهابية تسعى لقلب نظام الحكم في القاهرة، فلا يفوتون فرصة للتحرش بمصر ومحاربتها، وقصة الحدود مع قبرص، تفضح أطماعه وتكشف حقارتهم، فقبرص نفسها مرتبطة باتفاقات مشابهة لترسيم حدودها البحرية مع إسرائيل عام 2010، ومع لبنان عام 2007، ولم تعترض تركيا على هاتين الاتفاقيتين، فلماذا عندما فعلتها مصر، تذكَّرَت تركيا أنها تحتل الجزء الشمالي من قبرص، وأن لها حقًّا في مياه قبرص الإقليمية؟!
إنه الحقد الدفين في قلوب «الإردوغانيين» الأتراك، الذين برع عمنا الراحل صلاح جاهين في وَصفِهم في قصيدته المعنونة بـ«تركي بجم»، التي يقول في كلماتها: «تركي بجم.. سِكِر انسجم، لاظ شقلباظ.. اتغاظ هجم، أمان.. أمان.. تركي بجم»، والتي لَحّنها الشيخ سيد مكاوي وغَنَّاها بصوته الشجي، ليخلِّد سخرية المصريين من الأتراك.
وأخيرًا، أتمنَّى أن يكون طَرْد السلطان «العابس»سليم الأول من الشارع المصري، هو بدايةَ حملة لتطهير شوارع وحواري الفكر المصريِّ من شوائب عثمانلية علقت به بفعل خمسةِ قرونٍ من الاستعمار التركي الغادر، وفي هذا السياق أتمنَّى أن تُصدِر الهيئة الوطنية للإعلام قراراً بمنع عرض المسلسلات التركية على أي شاشة مصرية، كخطوة أولى لأنها تمثل غزو فكري وهيمنة خفية على العقل المصري.

يجب أن نعامل تركيا باعتبارها عدوًّا، فهي ثالث أضلاع الطمع في مصر والمنطقة العربية مع إسرائيل وإيران، وهي أكثرهم بجاحة ولا تستحي أن تكشف دوماً عن وجهها القبيح.


*نشر في مجلة «روزاليوسف» بتاريخ 10 فبراير 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...