الأربعاء، 14 مارس 2018

7 ملاحظات على زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر



كانت مصر محطة البداية في الجولة الخارجية الأولى للأمير محمد بن سلمان، بعد 9 شهور من ولايتِهِ للعهد في المملكة العربية السعودية، استطاعَ الأمير الشاب في هذه الشهور أن يُثبِّتَ ركائز حكمِه ويؤسسَ لانتقال سهل للحكم في بلاده، كما حصد شعبيةً قويةً بين أبناء شعبه، خصوصًا الشبابَ، بعد سلسلة من الإجراءات الإصلاحية والقرارات التي وُصِفت بأنها «ثورية»، كل هذا دَفَع به إلى مقدمة المشهد السياسي في العالم، وجعل اختياره شخصية العام (2017) في استفتاء مجلة «تايم» الأميركية أمرًا منطقيًا وعادلًا.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية - السعودية، ومنذ تولي الملك سلمان، فلا يخفى على أحد أنها شهدت هبوطًا وصعودًا بفعل هِزَّات سياسية عنيفة شهدتها المنطقة، ولكن هذه الهزات لم تخرج بالعلاقات عن نطاق سحابة «فتور» سياسي، لا تلبث أن تنقشع، لكنها ومنذ يونيو 2017، وهي آخذة في تصاعُدٍ وصل إلى ذروته مع الزيارة التاريخية التي قام بها ولي العهد إلى مصر قبل أيام.
لكن... لماذا كانت الزيارة تاريخية؟ ربما تجيب هذه الملاحظات التي سجلتُها حولَ الزيارة عن السؤال، وتسلط الضوء على  بعض ملامحها.
1 - تم تصميم جدول الزيارة وبرنامجها بذكاء وعناية، مما جعلني أشك في أنه ربما تكون شركة دولية هي التي صمَّمَته، لكن هذا الشك تبدد مع ملاحظة الكفاءات الإدارية التي تقف وراء قائدي البلدين الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، سواء فريق الرئاسة المصرية الذي يقوده اللواء عباس كامل أو الفريق المعاون للأمير محمد والذي يضم أسماء مميزة منهم، بدر العساكر مدير المكتب الخاص لولي العهد وسعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي السعودي.
2 - التوازن غير المسبوق في أجندة الزيارة بين ما هو سياسي وديني واقتصادي وإعلامي وثقافي، جعلها زيارةً متكاملةً، رغم أن النشاط الاقتصادي تصدَّرَ جدول الأعمال، سواء بما تم توقيعه من اتفاقيات أو الزيارة المهمة لمنطقة قناة السويس والجولة بين ضفتيها في الإسماعيلية وسيناء، ثم إعلان الملامح الأولى لمشروع «نيوم»، وما صاحبها من جدل مثمر، كلها أوضحت أن الاقتصاد في مقدمة اهتمامات البلدين.
3 - من الناحية الدينية، فإن زيارة ولي العهد للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قَفَزَتْ بالمملكة سنواتٍ إلى الأمام، وصحَّحَتْ مسارَ العلاقة مع الآخر المختلف دينيًّا وِفقًا لروح العصر الذي نعيشه، كما ستسهم مستقبلًا في إزالة رواسبِ عَدَاءٍ معروف بين بعض أنصار «الوهابية» وأبناء الديانة المسيحية، وهو العداء الذي أُرِيقَتْ بسببه دماءٌ بريئة، كما أن وجود الشيخ صالح آل شيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (وهو أحد أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب)، في صحبة ولي العهد أثناء الزيارة، يؤكد على هذه المعنى.
4 - أما إصرار الأمير محمد على زيارة الدكتور أحمد الطيب في مكتبه بمشيخة الأزهر بالدراسة، فكانت رسالة تقدير من المملكة للأزهر، قلعة الإسلام الوسطي في العالم، فقد كان من الجائز أن يكتفي بلقاء شيخ الأزهر في اليوم التالي أثناء افتتاح عملية ترميم الجامع الأزهر الذي رَعَتْه بلاده، بمنحة من الراحل الملك عبد الله، أتمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.
5 - شهدت الزيارة أول مقابلة علنية بين الأمير محمد، والإعلام المصري، متمثلاً في 30 من خيرة الإعلاميين (المقربين) من السفير السعودي أحمد قطان، الذي يستعدُّ للرحيل من وطنه الثاني مصر إلى منصب وزاري رفيع في بلاده، بعد رحلة عمل يبدو أنها طالت، بحكم ما شهدته المنطقة من أحداث متلاحقة خلال السنوات السبع الماضية، وكان ملخص اللقاء هو «الانبهار»، وهي الكلمة القاسم المشترك بين معظم من حضروا اللقاء.
6 - وربما يكون أهم ما استوقفني في الزيارة، بشكل شخصي، الاختيارَ البليغَ لحضور الرئيس وضيفه عَرْض «سَلِّم نفسك» الذي كتبتُ عنه بمجلتنا العزيزة، مقالًا أعتزّ به لأنه عن واحد من أهم عروض المسرح التي شاهدتها في حياتي، وكان الحضورُ الرئاسيُّ الملكيُّ تكريمًا لصنّاعها من شباب الفنانين الذين يقودهم الفنان المبدع خالد جلال، كما أن هذا الحضور الكريم يمثل تقديرًا لكل المتذوقين الذين أشادوا به في كل وسائل الإعلام واعتبروه نموذجًا مثاليًّا للعمل الفني الوطني، الذي تحتاج إليه مصر في معركتها الشرسة مع الإرهاب.
7 - تزامن مع الزيارة، نشاط مُلهِم قامت بها مؤسسة «مسك الخيرية»، التي يرعاها ولي العهد السعودي، وهو فعاليات منتدى التواصل الاجتماعي، في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، ويهدف المنتدى إلى التعرُّف عن قرب على التحديات التي تواجِهُ الشبابَ والفرص التي تتيحها وسائل الإعلام الجديدة لهم وكيف يمكن توجيهها لتحقيق مستقبل أفضل.
وأخيرًا، نأمل أن تكون الزيارة فاتحة خيرٍ على البلدين، مصر والسعودية، فكلاهما يسير وفق رؤية واضحة نحو عام 2030، في ظل قيادتين بلغتا من الحكمة والنضج والقدرة على الفعل ما يجعلنا نطمَحُ في مستقبل رائع لأبنائنا.


* نشر في مجلة «روز اليوسف» بتاريخ 10 مارس 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...