الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الممثل والارهابي.. وموسم الهجرة إلى أمريكا


فصل أسبوع وحيد بين تصدر أسمين أمريكيين (من اصل مصري) لقائمة إهتمامات الإعلام المحلي والعالمي، كلاهما في السابعة والثلاثين من عمره، وكلاهما صنع بطولته الخاصة (الخارقة) وفق فهمه للحياة، فاستحق أن تسلط عليه الأضواء، وأن يكون مثار أحاديث البيوت والمقاهي والشاشات.

أولهما رامي مالك، الممثل الأمريكي ذو الأصول المصري الذي أختار الفن طريقاً للحياة، وبعد رحلة كفاح مشرفة بدأتها أسرته التي هاجرت من مصر قبل أربعة عقود، وأكملها رامي الذي عشق التمثيل وبدأ حياته الفنية عام 2004 وشارك في العديد من الأفلام والمسلسلات، حتى صعد إلى قمة النجومية في سماء السينما الأميركية، واعتلى هذا الأسبوع مسرح «دولبي» في هوليود بمدينة لوس أنجلوس ليحصل على أهم وأغلى جائزة سينمائية في العالم، جائزة الأوسكار كأحسن ممثل في دورتها الـ 91 عن دوره في فيلم «بوهيميان رابسودي»، ليكون أول أمريكي من أصل عربي (مصري) يحصل على الجائزة التي تنظمها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة.
أما الثاني، الحسن عبد الله العراقي، «الذئب المنفرد» الذي فجر نفسه في حارة الدرديري بحي الدرب الأحمر الأسبوع الماضي، ليقتل معه ثلاثة من أبناء الشرطة المصرية البواسل، سقطوا شهداء الواجب الوطني، بينما ضحى الحسن بحياته فداء وهم ترسخ في وجدانه، بأن ممارسته للعنف هي جزء أصيل من عقيدته الدينية، ورغم عدم توثيق تاريخ الإرهابي القتيل حتى كتابة هذا المقال، إلا أن عدد من المواقع الإعلامية المرموقة (نقلت عن مصادر عليمة بالأمن المصري)، أن والده الدككتور عبد الله العراقي كان طبيباً معروفاً في منطقته الشعبية بالقاهرة، قبل أن يهاجر إلى أمريكا في نهاية القرن العشرين، وتناثرت معلومات عن نشأة المتهم في القاهرة قبل سفره إلى أمريكا مع والده وحصوله على الجنسية الأمريكية، ثم ظهروه قبل شهور في مسقط رأس أسرته بالدرب الأحمر، في بيت جده، قبل أن يتتبعه رجال الأمن الوطني بعد العملية الفاشلة بجوار مسجد الإستقامة، ويكشفوا أسراره.
وقد أنطلقت في القاهرة وعواصم عربية تظاهرة للإحتفاء برامي مالك بعد فوزه بالأوسكار، وأبدع الكثيرون في التغني بأصله المصري وعلاقة هذا الأصل العريق بالمجد الذي حققه، وتغنوا بكلمة مالك التي قالها عند تسلمه تمثال الأوسكار، حيث قال: «أنا ابن مهاجرين من مصر وأنا من الجيل الأول في عائلتي الذي ولد أمريكياً». وعلى النقيض تبارى أخرين في الحسرة والسخرية من قصة رامي، وبالغ بعضهم في تخيل حاله لو كانت أسرته بقيت في مصر، وأي مستقبل كان من الممكن أن يتحقق له في «هوليود الشرق»، وهي مبالغات تعكس طبيعة مجتمع «السوشيال ميديا» المتطرف، ولكنها لن تنسينا أصل الموضوع، وهي أن رامي مالك فعليا هو أبن اصيل للحضارة الأمريكية، ومثله أيضاً الحسن عبد الله، الذي ينتمي عقائديا للتنظيمات الدينية المتطرفة التي احتصنتها أمريكا وما زالت تدعم وجودها في السر والعلن، وأن كلاهما (رامي والحسن) رغم المسافة الشاسعة بينهما فإنهما وجهان لتجربة الهجرة إلى أمريكا وشكل تأثيرها في ذوي الأصول المصرية والعربية.
وبالطبع يبقى فقط بريق الأضواء المبهر، فلا نرى إلا وجه أمريكا الطيب، ويزول ويختفي الوجه القبيح، لهذا بقي الحلم الأمريكي خالدا في نفوس المصريين، الذين يحتشدون إلكترونيا كل عام ويلهثون خلف القرعة السنوية التي تجريها الولايات المتحدة للهجرة «تأشيرة الهجرة العشوائية»، للحصول على رخصة الإقامة الدائمة والمعروفة بإسم البطاقة الخضراء «Green Card» والتي تؤهل بعد ذلك للحصول على الجنسية الأمريكية. وبقي مشهد الطوابير الكثيفة التي كان يزدحم بها حي جاردن سيتي في سنوات ما قبل عصر التكنولوجيا، خالدا في الذاكرة، حيث كان ألاف من الباحثين عن فرصة يصطفون أمام أبواب السفارة، أملا في تأشيرة نجاة تنتشلهم من الضياع وتنقلهم إلى بلاد الفرص والدولارات، أجيال وراء أجيال حلموا بأن يكونوا مثل رامي مالك، ولكنه هو فقط من فاز بالأوسكار، وبقينا نحن في مصر نبحث عن أمل.


 *نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 27 فبراير 2019

الخميس، 21 فبراير 2019

«ذئاب منفردة» في الدرب الأحمر


الأرهاب هو حديث الساعة في مصر، وهو حديث ذو شجون، فقد حصد في عمليات ثلاثة تمت خلال الأيام القليلة الماضية ارواحا طاهرة من شهدائنا في القاهرة وسيناء، في عودة مفاجئة للعمليات الإرهابية المكثفة التي تستهدف الجيش والشرطة، ومع الحزن الصادق على الدم المصري الغالي، أتمنى أن لا تهتز ثقتنا في أنفسنا، وفي قدرات جيشنا وشرطتنا التي تتجلى في نجاحات يومية في إفساد عشرات العمليات الإرهابية، والتي لا تأخذ حظها من الرواج الإعلامي، مقابل عمليات محدودة لولا بسالة جنودنا فيها لتضاعف أعداد ضحاياها، وهي التي يقف أمامها الرأي العام حزيناً موجوعاً على أبناء مصر الذين أفتدوها بدمائهم الطاهرة.
وبعد أن ننعي شهدائنا ونقرأ لهم الفاتحة وندعو لذويهم بالصبر والسوان، وبعيدا عن تفاصيل الحوادث الثلاثة الأخيرة، فإن نظرة عامة على أوضاع تنظيم الدولة (داعش) لصاحبه أبو بكر البغدادي في سوريا ربما تعطينا مؤشرات وتفسيرات لما حدث وسيحدث في مصر، خاصة بعد أن أعلن الفصيل المصري من التنظيم مسئوليته عن عملية سيناء الأخيرة والتي راح ضحيتها 15 شهيدا.
فقبل أيام قامت قوات سوريا الديمقراطية بحصار قرية الباغوز، آخر «جيب» يسيطر عليه تنظيم الدولة على نهر الفرات، وأصبح العالم ينتظر إعلاناً وشكياً عن سقوط تنظيم داعش الذي أفزع الدنيا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقد إنشغل قادة ومحللين سياسين دوليين بمستقبل محاربي التنظيم، وتطوع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالنصح عبر تغريدة له هذا الأسبوع، طالب فيها الدول الأوروبية وخصوصا بريطانيا، بإعادة ومحاكمة مواطنيها الجهاديين المعتقلين في سوريا، محذرا من أن الولايات المتحدة قد تضطر للإفراج عنهم. ويحتجز الأكراد في سوريا بحسب تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، مئات من الجهاديين الأجانب، يبلغ عددهم نحو 800 على الأرجح يضافون إلى النساء غير المقاتلات والأطفال. ومن الدول المعنية بإعادة هؤلاء تونس والمغرب والسعودية وتركيا وروسيا، وكذلك فرنسا وألمانيا وبلجيكا.
وإذا كان السؤال الذي يشغل بال كل دول أوربا هو: كيف سيتم التعامل مع العائدين من تنظيم الدولة الإسلامية؟، فإن من حقنا في مصر ومحطينا العربي أن نسأل أيضاً، أين سيذهب الذين لن تقبل دولهم الأوربية بعودتهم؟، خاصة بعد أن نشرت تقارير تؤكد فتور استقبال مسئولين أوروبيين لدعوة ترامب، مما يشير لعدم رغبتهم في استعادة مواطنيهم المعتقلين في سوريا، ويقفز هنا السؤال الأصعب، وماذا عن مستقبل داعش، الفكرة وليس التنظيم فقط؟
إن الفكر الإرهابي المدمر الذي يتبناه هذا التنظيم الملعون، أصبح يستشري في العالم كالسرطان، ولم تنجو دولة من مخاطره، وكل الإحتمالات تشير إلى أن أفريقيا هي الأقرب لتكون إحدى دولها مقرا لأعمال التنظيم، ولأنه تنظيم فاسد يلهث وراء المال ليضمن وجوده، فإن التمويل سيكون عاملا فاصلا في ضرباته القادمة وظني أن سيتحول إلى «قاتل مأجور»، وكالعادة سوف يجمل عملياته القذرة بغطاء شرعي يستثمره في تجنيد عناصره التنفيذية، ثم يمنحهم «ختم الدين» ويدفعهم إلى الميادين المستهدفة، ولا مانع من أن ينسب إلى نفسه عمليات عشوائية ينفذها من أصطلح على تسميتهم بـ «الذئاب المنفردة»، وهم عناصر إرهابية غير منظمة لا تخضع الى تنظيم هرمي، يتلقون منه التعليمات لتنفيذ عملياتهم الانتحارية، بل يقومون بالتخطيط والتنفيذ ضمن امكانياتهم الذاتية. وربما يكون الحسن عبد الله، منفذ عمليتي مسجد الإستقامة بالجيزة والدرب الأحمر بالقاهرة، هو حالة «ذئاب منفردة»، من الذين يتوقع كثرة ظهورهم في المدن المصرية والعربية والأفريقية خلال الشهور القادمة، بعد السقوط المرتقب لداعش في سوريا.
حفظ الله مصر، ورحم الله شهدائها وأعان حماتها من الجيش والشرطة.


 *نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 20 فبراير 2019

الجمعة، 15 فبراير 2019

«إسكات البنادق» في رئاسة السيسي لأفريقيا




يستحق الحدث أن نتوقف أمامه كثيرا، ليس بدافع الفخر أو الفرحة فقط ولكن لنتعلم ونستلهم من التجربة وعبقريتها، ومن دلالات النجاح فيها كيفية تحققه، ربما نستنسخها في ملفات آخرى أستعصى علينا فيها النجاح.
علينا أن نتوقف وندرس ونتعلم من تجربة مصر مع أفريقيا في عهد الرئيس السيسي، وكيف تحولت العلاقة مع الاتحاد الإفريقي المنظمة الأم والأهم للعمل الإفريقي المشترك، من العزلة إلى الإحتضان، ومن تعليق العضوية إلى مقعد الرئاسة، ومن رفض الاعتراف بـ «30 يونيو» والدولة الجديدة التي تأسست من رحم الثورة المصرية المكملة، إلى إستعادة الدولة المصرية لمكانها ومكانتها الطبيعية في قيادة العمل الأفريقي، إنها رحلة مثيرة ومؤثرة، تختزل شخصية مصر وعبقريتها، وتبرز مناطق القوة الخفية فيها والتي تستدعى في اللحظات العصيبة، لتعبر بمصر من اليأس إلى الأمل.
أستندت مصر في رحلتها نحو القمة الأفريقية على ما زرعته في ستنينات القرن الماضي، والذي أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام قادة وزعماء دول إفريقيا بعد تسلمه رئاسة الإتحاد الأفريقي في العاشر من فبراير 2019، ليخلد اليوم في التاريخ ليتذكره أبنائنا وأحفادنا عندما يحصدون ما تزرعه القيادة المصرية اليوم، مثلما تذكر رئيسنا الحالي فضل الأباء قائلاً: «ولقد مضى أكثر من نصف قرنٍ على اجتماع الآباء المؤسسين الذين أرسوا سوياً لبنة الوحدة الأفريقية هنا بأديس أبابا في مايو 1963، يومها قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: (ليكن ميثاقاً لكل أفريقيا، ولتُعقد اجتماعات على كل المُستويات الرسمية والشعبية ولنبدأ طريقنا في التعاون الاقتصادي نحو سوق أفريقية مُشتركة)، كلمات مضى عليها أكثر من نصف قرن ولكن ما يزال صداها ماثلاً أمامنا».
ستتذكر الأجيال القادمة عبد الفتاح السيسي، وهي تردد المبدأ الذي رسخه في عام رئاسة مصر للإتحاد الأفريقي: «الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية»، وستذكر أيضاً مبادرته لـ «إسكات البنادق» في كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020، وجهد مصر بقيادته في تعبيد الطريق الطويل لإنهاء الاقتتال في أفريقيا، وطي الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات في القارة السمراء والتي كانت تلتهم كل آمال التنمية فيها.
إن أول محاور النجاح في تجربة (مصر/ السيسي) مع أفريقيا، ظهر جليا في إعادته الإحترام والتقدير لدور (مصر/ عبد الناصر) في ترسيخ الوجود المصري في أفريقيا، وكذلك إستثمار ما بذلته مصر خلال أكثر من نصف قرن في العلاقات الثنائية مع معظم دول القارة، وإستحداث منهج «الدبلوماسية الناعمة» في إدارة العلاقات مع هذه الدول، بعد سنوات من التعالي (الدبلوماسي والسياسي) الذي شاب علاقات مصر مع القارة ودولها.
ثم يأتي المحور الثاني والأهم في إدارة الرئيس لمفاتيح العمل السياسي والمخابراتي والاقتصادي المصري مع الملف الأفريقي، وخلق حالة من التناغم والتكامل بين مؤسستي الرئاسة والمخابرات ووزارتي الخارجية والتجارة في تفعيل الوجود المصري في كل الملفات والقضايا الافريقية، وضربت مصر مثلا يحتذى به في إدارتها لخلافتها مع الأشقاء الافارقة، وخصوصا في ملفي النيل مع أثيوبيا، والحدود مع السودان، لهذا صدق الحضور في قمة الاتحاد الافريقي بأديس أبابا قبل أيام رئيسنا وهو يقول: «ستظل الوساطة والدبلوماسية الوقائية على قمة أولويات الاتحاد الأفريقي، كما سنعكف على تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية، لتتكامل دون تقاطع، بما يعزز الاستجابة المبكرة والفعالة لمختلف الأزمات».
أما المحور الثالث، فيتمثل في تفهم الإدارة المصرية لطبيعة الشخصية الأفريقية، والقدرة المميزة في صياغة العلاقات المصرية مع القادة الإفارقة، بفضل الإدراك الواعي لاختلاف الإيقاع وتباين الطموح وتنوع الرغبات.
كل الشكر والتقدير لكل من ساهم في صياغة وإدارة العلاقات (المصرية/ الأفريقية)، في السنوات الخمس الأخيرة وفي مقدمتهم الرئيس السيسي، الذي تعول عليه شعوب القارة أن تكون رئاسته للأتحاد الأفريقي، بداية إنطلاقة قوية لكل الشعوب الأفريقية.
لتحيا أفريقيا وتحيا شعوبها العظيمة..

 *نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 13 فبراير 2019



حياة الملكة في خطر.. والديمقراطية أيضاً



تسببت عملية إنسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي «البريكست»، في جعل مصير الأمة الإنجليزية في خطر، ومستقبلها على «كف عفريت»، وقد خرج هذا العفريت من مكمنه عندما صوت (أكثر من 51% ) من الإنجليز بـ «نعم» لهذا الإنسحاب، بينما توقع العقلاء من ساسة ورجال مال واقتصاد، بأن يتسبب هذا الخروج في أزمة حادة للأقتصاد الانجليزي كما أتفق معظمهم على أن هذا الانسحاب يقلل من دخل الفرد في بلد هى الأغلى عالمياً في تكاليف المعيشة، وتوقعت وزارة الخزانة البريطانية في نوفمبر الماضي أن  «فاتورة الطلاق» أو الخروج من أحضان أوربا، ستجعل الاقتصاد البريطاني أسوأ بنسبة 3.9٪ مقارنة بالبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وعليه ستدفع بريطانيا، المملكة التي كانت لا تغيب عنها الشمس، وقبلة الديمقراطية في العالم، ثمناً باهظاً لديمقراطيتها، لا يقل عن التمن الذي تدفعه أميركا وريثها الإمبراطوري وحليفتها الديمقراطية من جراء وجود الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
وأظن أن بعدهما (بريكست وترامب) ربما يضطر الغرب إلى إعادة النظر في «الديمقراطية» التي أصبحت محل انتقاد في شتى دول العالم، خاصة بعد ما اصبح التلاعب في إختيارات الشعوب يتم توجيهه إلكترونيا وفق لمصالح ومخططات تديرها مخابرات ودول، أصبحت تمتلك خرائط منضبطة لسيكولوجية الجماهير.
لهذا كان طبيعيا أن تؤكد صحف بريطانية، إن مسؤولين بريطانيين أعادوا إحياء خطط طوارئ الحرب الباردة لنقل العائلة المالكة في حالة وقوع حالات شغب في لندن إذا عانت بريطانيا من اضطرابات لدى خروجها من الاتحاد الأوروبي الشهر القادم. هذا ما ذكرته صحيفة «صنداي تايمز» نقلا عن مصدر لم تسمه من الحكومة يتناول قضايا إدارية حساسة، بينما قالت صحيفة «ذا ميل أون صنداي» إنها علمت بخطط نقل العائلة المالكة بمن فيهم الملكة إليزابيث إلى مواقع آمنة بعيدا عن لندن.
وتكافح الحكومة البريطانية للحصول على دعم برلماني بشأن اتفاق انتقالي للخروج من الاتحاد الأوروبي، قبل موعد الخروج المقرر في 29 مارس 2019، وتعد الحكومة والشركات خطط طوارئ احتياطية تنفذ حال عدم التوصل لصيغة مقبولة، وقد حذرت جماعات عمل من اضطرابات واسعة النطاق إذا ما كانت هناك تأخيرات في واردات الاتحاد الأوروبي بسبب إجراءات الفحص الجمركية الجديدة مما قد يؤدي إلى حدوث نقص في الغذاء والدواء.
والملكة إليزابيث الثانية، التي أخرجت من أجلها خطط الطوارىء القديمة لحمايتها وعائلتها، تبلغ من العمر 93 عام، وتخطت فترة حكمها حاجز الستة عقود بسبع سنوات، حيث تحتفل في السادس من فبراير 2019 بذكرى جلوسها الـ 67 على العرش البريطاني في عام 1952، وقد ألقت الملكة كلمتها السنوية قبل شهر، وتم تفسيرها على نطاق واسع في بريطانيا بأنها تحث السياسيين التوصل إلى اتفاق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وذكرني الخطر المحتمل الذي قد تتعرض له الملكة، بمعلومة قديمة مهمة عن تاريخ المملكة المتحدة التي جمعت تحت تاجها ممالك عدة، وهو أن هذه المملكة العريقة، عاشت عدة سنوات في القرن السابع عشر كـ «جمهورية»، بعد أن تم إلغاء النظام الملكي وتأسس نظام جمهوري على يد أوليفر كرومويل، الذي أستمر 9 أعوام (1649-1658) كرئيس لكومنولث انجلترا الذي ضم بشكل اساسي (بريطانيا واستكلندا وايرلندا)، وبعد وفاته قمعت أعتى الديمقراطات في العالم «ثورة كروميل» وحطمت جمهوريته، وألقت بها في سلة مهملات التاريخ، وعادت مملكة اتسعت وفق أطماعها الإستعمارية حتى أصبحت إمبراطورية ممتدة من الأمريكتين إلى الهند.
وربما نخلص من هذه المعلومة وغيرها من غرائب تاريخية حدثت في شتى بقاع الأرض، إلى أن الممارسة السياسية وقواعدها الحاكمة تفرضها ظروف العصر ومحدداته، فلا ثابت في السياسة حتى مصلحة الشعوب (التي أصبحت تدار وفق وجهة نظر حكامها)، فالشعوب في الغرب المتحضر (قلعة الديمقراطية) لا تعرف مصلحتها، والبريكست خير مثال، فما بالنا بالشرق؟؟ 
ويبقى سؤال أخير: متى يعلنون وفاة الديمقراطية؟؟


 *نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 6 فبراير 2019

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...