لا شك أنها مسيرة حافلة
ورحلة نجاح تستحق الاحتفاء والتقدير، لقد خاضت الصحيفة الأزهرية اليافعة
معارك كثيرة، وقفزت خلال سنوات عمرها خطوات مهمة ومؤثرة في فضاء العمل الصحفي منذ
أن أسسها الأمام الراحل محمد سيد طنطاوي وصدر عددها الأول في الأول من أكتوبر عام
1999. لتبقى صحيفة «صوت الأزهر» نموذجا إعلاميا فريدا خلال رحلتها الممتدة عبر
أعدادها الألف والتي انطلقت من مقرها الدائم في قاعة الإمام محمد عبده بجامعة
الأزهر، تحت قيادة المرحوم جمال بدوي رئيس تحريرها الأول، حتى تألقت مع رئيس
تحريرها الحالي الصحفي القدير أحمد الصاوي، الذي انتقل بها إلي مصاف الصحف المؤثرة
والفاعلة.
شاء قدري أن تأخذ
علاقتي مع الصحيفة منحى خاص، منذ أن وطأت قدامي مقرها المهيب عام 2000 لزيارة صديقي المحترم عبد الخالق صبحي سكرتير
تحرير الجريدة الحديثة (وقتها)، ومدير تحرير الأهرام المسائي حالياً، والذي طرح
علي فكرة العمل في «صوت الأزهر» فقابلت مدير تحرير الجريدة، وعملت لفترة قصيرة ثم
سافرت بعدها، وتعدد الأسفار وتنوعت الوظائف والأعمال في العديد من الصحف والمجلات
المحلية والعربية، حتى حكم الإخوان مصر في عام 2012، بعدها بشهور نقل إلي الزميل
الخلوق وليد عبد الرحمن رغبة رئيس تحرير الصحيفة، في أن أكتب مقالا أسبوعيا فقبلت
مرحبا، وكنت وقتها مدير مكتب جريدة «الشرق الأوسط» بالقاهرة، ورغم كثرة المشاغل في
ذاك الزمان الثوري، إلا أني كنت حريصا على زاويتي الأسبوعية في «صوت الأزهر»،
والتي أخترت لها عنوانا موحيا وهو «رواق التجديد».
لكنني توقفت عن الكتابة
مضطراً بعد تفشي الفجر الإخواني، وانفضاح الهوس والجنون بالسلطة الذي كشفه الإعلان
الدستوري الشهير في ديسمبر 2012، وقتها أدركت أن حساسية علاقة الأزهر بالجماعة
واضطرابها المستمر، بسبب مواقف الشيخ الطيب الحاسمة منهم ومن حكمهم ومن محاولاتهم
المستمرة للعبث والتدخل في شئون المؤسسة العريقة، لا تحتمل مشاغباتي في مقالاتي
بالصحيفة، فانسحبت بهدوء، سعيدا بما كتبته برغم قلته، والذي كان فاتحة علاقة
مختلفة وممتدة مع الصحيفة الأسبوعية الأقرب إلى قلبي.
ثم جاء العام 2017،
وحدثني الزميل الفاضل سالم الحافي رئيس تحرير «صوت الأزهر»، عن رغبة الأزهر في
تطوير الصحيفة وعن خطته لذلك والتي رأي أن مقالا أسبوعيا بقلمي «المشاغب» ربما
يكون أحد أشكال هذا التطوير، وفي الأول من
فبراير 2017 أنطلق قطار التطوير صحفيا وفنيا، فخرجت الصحيفة في صورتها الجديدة،
وبعد أسابيع قليلة أنضم رئيس التحرير الحالي لقيادة العمل، وأشهد له ببراعة مهنية
فائقة جعلت الصحيفة محل اهتمام جميع الدوائر السياسية والإعلامية، وأذكر له
اختياراته الرائعة لأغلفة الصحيفة التي استوقفت وسائل إعلام غربية ودعمت عندهم ملامح
التطور والتجديد الأزهري التي يوليها الأزهر وشيخه أهمية قصوى.
في هذا المناخ المبدع
الذي وفره أحمد الصاوي، ومن خلفه المؤسسة العريقة وقياداتها، وبصحبته فريق عمل
مخلص يتقدمه الزميل وليد عبد الرحمن والمخرجة الفنية عالية عبد الرءوف صاحبة
الماكيت الرئيسي للجريدة، والمخرجتين المبدعتين شيماء النمر وخلود الليثي، وجنود
مجهولون في أقسام التدقيق والمراجعة والإنتاج والمطابع والتوزيع والإدارة
والحسابات، تدفقت مقالاتي خلال ما يقرب من عامين واقتربت من حاجز المائة مقال، تمتعت
بحرية لم تصادفني في أي وسيلة إعلام مصرية، وهو أمر لو تعلمون عظيم في هذه المرحلة
الإعلامية المرتبكة التي نعيشها، لهذا لا أملك إلا الشكر والتقدير لصحيفتي الشابة التي
وصلت إلى عامها العشرين، وإلى كل أبنائها المخلصين، وأتمنى لها ولهم المزيد من
النجاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق