الجمعة، 27 أبريل 2018

من يصطاد «الحوت الأزرق»؟



تتوالى حالات الانتحار في مصر بشكل يثير القلق، والدافع وراءها جميعًا هو «حوت أزرق» قَفَز فجأةً إلى شِباك الأطفال (والشباب) الإلكترونية، وغزا فضاءهم الخاص، وهيمن على عالمهم الجديد، فظنّوا (بسذاجتهم) أنه صيدهم الثمين، لكن خلال أيام قليلة يكونون هم الفريسة المنتظرة، وينجح هذا التطبيق الإلكتروني في أن يسلبهم عقولهم ويتحكم في مقدراتهم، ويدفعهم بدهاء مرعب إلى النهاية المفجِعة.
فقبلَ أيامٍ لقِيَتْ سيدة صعيدية ونجلُها مصرعهما، وأُصِيبَ نجلُها الثالث بحروقٍ متفرقة بدائرة مركز البلينا (محافظة سوهاج)، وقالت التحقيقات الأولية إن نجلتها أشعلَتْ النار في المنزل تنفيذًا لتعليمات لعبة «الحوت الأزرق»، كما شهدت مصر 6 حالات انتحار بسبب اللعبة ذاتها، خلال شهر أبريل فقط، كانت الأولى لنجل البرلماني السابق حمدي الفخراني، تبِعَتها حالة لفتاة في الإسكندرية، والثالثة لشابٍّ من الشرقية، أما الرابعة فكانت لشاب من السويس، والخامسة لطفلٍ في المحلَّة بالغربية، والسادسة لطفل في البحيرة.
وأسرَعَتْ الدولة في التحرُّكِ لمواجهة هذه اللُّعبة المرعبة التي تهدِّد كلَّ أسرة مصرية، وأتفق مع ما قاله وكيل الأزهر الشريف، الدكتور عباس شومان، من أن حمايةَ الشباب من الاستهداف الممنهَجِ والخبيث للإضرار بهم وبمستقبلهم لا يقلُّ أهميةً عن جُهُودِ الدولة للتصدِّي للإرهاب.
واستبشَرَ الجميعُ الخيرَ، بعد قرارِ النائبِ العامِّ المصريِّ الذي أصدره السبت الماضي، بتكليفِ الجهازِ القومي لتنظيم الاتصالات باتخاذ ما يلزم من إجراءات لحجب المواقع التي تبثُّ الألعاب الالكترونية على شبكة الانترنت ومنها ما يسمى «الحوت الأزرق»، مشيرًا إلى أن ذلك يُعتبر «أمرًا متعلِّقًا بالأمن القومي والمصالح العليا للبلاد».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حرَّمَتْ دار الإفتاء المصرية ممارسةَ لُعبة «الحوت الأزرق» التي يقوم الشباب بتحميلها على هواتفهم الذكية، لما فيها من «إيذاء للنفس والإضرار بها»، كما أعلن مجَمَّع البحوث الإسلامية عن تنظيم حملة موسعة في جميع محافظات ومدن الجمهورية للتحذير من خطورتها.
ولعبة «بلو ويل» أي (الحوت الأزرق)، تدفع المراهقين إلى مواجهة مجموعة تحديات خطيرة على مدى خمسين يومًا، وفي كلِّ مرَّةٍ يكون التحدي أخطر مما سبَقَه، حتى يصلوا إلى المرحلة النهائية المتمثِّلَةِ بالانتحار، ولا تنحصر الانتقادات الموجهة إلى اللعبة في مصر، بل تتعداها إلى دُوَلٍ عِدَّة للاشتباه في تسببها بحالات انتحار كثيرة في صفوف مراهقين، ومن ضمنها بلدان عربية مثل تونس والمغرب والجزائر.
وفي سياق المواجهة المجتمعية الواعية، قَدَّم مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية مطلع هذا الشهر 11 نصيحة للوقاية من الوقوع في هذا المنزلق الخطير، ونعيد نشرها للتذكير لعلها تكون مرشدة وملهمة.. وهي:
1- متابعة الطفل (أو الشاب) بصفَةٍ مستمرَّةٍ وعلى مدار الساعة.
2- مراقبة تطبيقات الهاتف بالنسبة للأبناء، وعدم ترك الهواتف بين أيديهم لفترات طويلة.
3- شغل أوقات فراغ الأطفال (الشباب) بما ينفعُهُمْ من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة.
4- التأكيد على أهمية الوقت بالنسبة للطفل (الشاب).
5- مشاركة الابن (الابنة) في جميع جوانب حياتِهِ مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له.
6- تنمية مهارات الابن (الابنة)، وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته.
7- التشجيع الدائم للطفل (الشاب) على ما يُقدِّمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء.
8- منح الأبناء مساحة لتحقيق الذات وتعزيز القدرات وكسب الثقة.
9- تدريب الأبناء على تحديد أهدافِهِمْ، واختيار الأفضل لرَسْمِ مستقبَلِهِمْ، والحثّ على المشاركة الفعالة والواقعية في محيط الأسرة والمجتمع.
10- تخيُّر الرفقة الصالحة للأبناء ومتابعتهم في الدراسة من خلال التواصل المستمر مع المعلمين وإدارة المدرسة. 
11- تنبيه الطفل (الشاب) على حُرمة استخدام آلاتٍ حادَّة تصيبه بأيِّ ضرر جسدي، وصونه عن كل ما يؤذيه؛ وذلك لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...» صحيح البخاري.
وظنِّي، أن الجهود السابقة نواة صالحة لتشييد حائطِ صدٍّ مجتمعي قوي أمام هذا الخطر المحلِّق عبر الفضاء الإلكتروني، وهو مثله كمثل أخطار كثيرة قذفت بها التكنولوجيا إلى عقول البشر حول العالم خلال السنوات الأخيرة، التي لن يحميَهُمْ منها إلا كتاب الله وسُنَّة رسوله الكريم، فهما مصلُ الوقاية من أي حوت، سواء كان أزرق أو أحمر أو حتى «رينبو».
حفظكم الله من كل شر.

*نشر في صحيفة «صوت الأزهر» بتاريخ 25إبريل 2018


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...