الأربعاء، 18 أبريل 2018

القدس في القمة.. وسوريا في القاع‎



لا شكَّ أن مبادرة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بتسمية قمة الظهران العربية (القمة 29 في تاريخ القمم العربية)، باسم «قمة القدس»، كان بمثابة طوق نجاة أنقَذَ هذا الجمعَ العربيَّ الغفير من أن يحضر ويجتمع دون أي أن يُحقِّقَ نتائجَ ذاتَ قيمة ترتقي إلي مستوى المجتمِعين قادةً ورؤساءً وملوكًا.
وإذا استثنيا كلمة الرئيس السيسي التي جاءَتْ قَوِيَّة وصادقة، فإن توقيتَ وفعالياتِ القمة، كادَتْ تَدْفَعُها إلي القاع، لكن المبادرةَ السعوديةَ انتشلَتْها، بعد أن رَفَعَتْ الحَرَج الذي يجب أن يكون قد استشعره بعض من القادة الحضور، وهم يحجُّون إلي الظهران (شرق السعودية) بعد ساعات من العدوان الثلاثي (الأميركي - الانجليزي - الفرنسي) على سوريا الشقيقة، وسط تأييد بعض الدول العربية (منها السعودية نفسها).
حقيقة، فإن المشهد السوري مُربِك لكل عربي (مسلم)، فأنتَ لا تدري مع أي طرف تقف، فالجميع أياديهم ملوثة بالدم السوري، سواء في الداخل من فصائل متناحرة في مقدِّمَتِهم فصيل «الأسد» وجيشه ونظامه، أو في الخارج من دول متآمِرةٍ، دولِ الجوار العربي، وثالوثِ الصهيونيةِ (إسرائيل - تركيا - إيران)، وخلفَهم ثالوث العدوان (الذكي) الذين أشرنا إليهم أعلاه، ويسبق الجميع روسيا صاحبة أكبر وأقوى وجود استعماري في سوريا. لهذا فإنني لا أزايد حين أقول إن أشرف موقف في الأزمة السورية هو الموقف المصري الأصيل، الذي يُشرِّفُني.. إنه يمثِّلُني ويعبِّرُ عني وعن كثيرين في الأمة العربية والإسلامية، لأنه الموقف الصحيح والسليم شرعيًّا ووطنيًّا وقوميًّا.
وبينما كانت الأزمة السورية تدفع القمة إلى القاع، فإن القدس (العربية) أنقذَتْ العرب وقِمَّتَهم، فقد احتفى الجميع بالقمة لأنها تشرَّفَتْ بالقدس، التي سبق للأزهر الشريف أن دعا الأمة الإسلامية لتبني فكرة أن يكون 2018 عامًا للقُدس الشريف؛ تعريفًا به، ودعمًا ماديًّا ومعنويًّا للمقدسيين، ونشاطًا ثقافيًّا وإعلاميًّا متواصلًا، ولا تزال مخرجات مؤتمر «نصرة القدس»، وأصداؤه، حاضرةً في نفوس المسلمين، تلهمهم وتشحذ هِمَّتَهم لدعم ونصرة القضية الفلسطينية.
لهذا كان الأزهر أول السعداء بتسمية القمة العربية الـ29، بـ«قمة القدس»، وأشاد في بيان رسمي بمبادرة العاهل السعودي، منوّهًا بما تضمَّنَتْه كلماتُ الجِلسة الافتتاحية من تأكيدٍ على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لكل العرب، كما أشاد بإعلان الملك سلمان عن تَبَرُّع بلاده بـ 200 مليون دولار للشعب الفلسطيني، يُخصّص منها 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون دولار لدعم وكالة الأمم المتحدة لغَوْث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وأعرِب الأزهر كذلك، عن تقديره للموقف القوي الذي أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلِمَتِه بالجلسة الافتتاحية للقمة؛ دعمًا لنضال الشعب الفلسطيني، وتأكيده أن «الحقّ العربي في القدس حقٌّ ثابتٌ وأصيل، غير قابل للتحريف أو المصادرة».
وفي هذا السياق، نظَّم الأزهر الشريف، هذا الأسبوع، بالتعاون مع وزارة الثقافة، ندوةً ومعرضَ وثائق ودوريات، بعنوان: «القدسُ.. تراثٌ لا يُنسى»، وذلك في إطار إعلان الأزهر الشريف عام 2018 عامًا للقدس، واحتفال الهيئة العامّة لدار الكتب والوثائق القومية باليوم العالميّ للتراث.

*نشر في صحيفة «صوت الأزهر» بتاريخ 18 إبريل 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...