الأربعاء، 24 يناير 2018

حديث الإمام الأكبر لـ«CNN».. وترهات الصغار



يُحزِنُني أن يخرج علينا «أحدهم» ممن حرمهم الله نعمة العقل، ويتصيَّد للأزهر ويهاجم شيخه، وكأنه يريد أن يفسد فرحة النجاح المدوِّي الذي حققَتْه المؤسسة العريقة بتنظيمها المؤتمرَ العالميَّ لنصرة القدس، نهاية الأسبوع الماضي، وهو المؤتمر الذي شارك فيه عدد كبير من العلماء ورجال الدين والمفكرين والكُتَّاب من 86 دولةً، تقدمهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسجَّل فيه الإمام الأكبر بكلمته أروعَ وأشجعَ موقفٍ في مواجهة البطش والصلف الأميركي الإسرائيلي، وترجمته كلمة قوية ألهَبَتْ حماس ومشاعر الأمة العربية، وأعادت إحياء القضية الفلسطينية وقيمة القدس في نفوس المسلمين حول العالم.
اصطاد «صاحبنا» من حوار الإمام الأكبر خلال المؤتمر، الذي أجراه مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، كلماتٍ مقتطَعَةً من سياق الحديث، وخرج في برنامجه الترفيهي بحديث هزليٍّ مثير للضحك والشفقة، حيث تساءل الإعلاميُّ اليوميُّ المفوَّه، بأسى وحزن كاد يصل إلى البكاء: «ليه تقول لهم كده؟!»، معاتبًا الدكتور الطيب على قوله إن الظروف لا تسمح بالمواجهة لنصرة القدس، موجهًا حديثه لشيخ الأزهر: «ليه تقول لهم كده..؟! لأنهم سابوا كل حاجة ومسكوا في دي! إحنا مش ضعفاء يا مولانا، وتعالَ أفكَّرَك بآخر مواجهة بينا وبينهم كانت عاملة إزاى».
وكان فضيلة الإمام الأكبر قد قال في مقابلته التلفزيونية المهمة: «مهمتنا في هذا المؤتمر ومكسبنا ليس هو المواجهة، فنحن نعلم أن الظروف لا تسمح بالمواجهة؛ فالواقع غير مناسب، ومهمَّتُنا أن تظلَّ الإرادة العربية والإسلامية متيقظةً ومستعدةً أن تدافع عن قضيَّتِها باستمرار». وهذا حديثُ حقٍّ يعلمه العالمُ أجمع، ولا يخفى على أحد بمن فيهم الإعلاميّ نفسه، وإذا كان الضباب قد حجب عنه الرؤية، أو أن هناك مَن يدفعه ليُرَدِّد هذا الهُراء، ليحمِّل شيخ الأزهر مسئوليةً ما لا علاقةَ له بها، فإنني أطالبه بأن يراعي الله فيما يقوله، لأن الظروف التي تمرُّ بها الأمة لا تحتمل مثل هذه المزايداتِ الفارغة.
وأتمنَّى منه ومن كل المهتمين أن يستمعوا جيدًا إلى الدكتور أحمد الطيب في حِوارِه التليفزيونيِّ مع أشهر قناة أميركية،  ليشعروا بالعزَّة والفخر، لأن أهمَّ رمز وقامة إسلامية في العالم قال هذه الكلمات المهمة والمؤثرة للشعب الأميركيِّ، فقد حذَّرَ شيخ الأزهر في مقابلته مع «CNN»، من خطورة تأثير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقال الطيب إن «مثلَ هذه القرارات هي التي تغذي الإرهاب»، مشيرًا إلى وجود أسباب أخرى تشجِّع الإرهاب الذي يرفضه الجميع.
وعن رَفضِه لاستقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس خلال زيارته إلى مصر ضمن جولة بالمنطقة، قال الطيب: «لا يوجد أيُّ دين من الأديان يمكن أن يقبل بقرار كهذا»، مضيفًا: «سأكون متناقضًا أمام الناس إذا استقبلتُ أحد أكبر معدِّي هذا القرار من الإدارة الأمريكية، الذي أرى أنه تزييف للتاريخ»، وأضاف: «لو كان نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، مؤمنًا حقيقيًّا لرفض قرار الرئيس الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس»، مؤكدًا: «يبدو أن القرار الأميركي بالونةُ اختبارٍ، ونحن مسئولون عن استمرار الشعور اليقِظ بمقدساتِنا سواء إسلامية أو مسيحية».
وأُنهِي مقالي بدرَرِ الحديث، من الكلمة التاريخية التي قالها إمامُنا الأكبر في مؤتمر نصرة القدس، حيث قال فضيلته: «وختامُ كلمتي نداءٌ للأمَّة أن تتنبَّه نُخَبُها إلى أنها أُمَّة مستهدفة - وبمكر شديد - في دينها وهويتها ومناهجها التعليمية والتربوية، ووحدة شعوبها وعيشها المشترك، وعلى الأُمَّة أن تعتمد على سواعدها، وأن تستعيد ثقتها في الله وفي أنفسها وفي قُدراتها، وألَّا تركنَ إلى وعود الظَّلَمَة القابعين وراء البِحَار مِمَّن قلبوا لنا ظهر المِجَنّ، وتجاوزوا كل الخطوط الحمراء».

ولا يفوتني أن أذكِّرَكم باقتراح شيخ الأزهر بأن يُخصَّص عام 2018 ليكون عامًا للقُدس الشريف؛ تعريفًا به، ودعمًا ماديًّا ومعنويًّا للمقدسيين، ونشاطًا ثقافيًّا وإعلاميًّا متواصلًا، وهو الاقتراح الذي أتمنى أن يخرج في تفعيله عن إطاره الرسمي والمؤسسي، ويصبح فعلاً شعبيا، وممارسة يومية في حياة كل المسلمين.


* نشر بصحيفة «صوت الأزهر» بتاريخ 24 يناير 2018

الأربعاء، 17 يناير 2018

رسالة إلى مصطفى


ابني الحبيب الغالي
أكتب إليك هذه الرسالة لتبقى شاهدةً على الأمانة التي حمَّلتُك إياها، ولتخلِّد ذكرى الحوار الذي دار بيننا عشيةَ القرار الأميركي الذي اتخذه دونالد ترامب بنقل سفارةِ بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في ديسمبر 2017، يومها سألتَنِي مندهشًا عن سبب الغضب المقدسي والفلسطيني والعربي والإسلامي الذي صاحَبَ القرار، وعندما حكيتُ لك قصَّة #القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية أصابَتْك الدهشة، فقد كنت تجهل تاريخَ القدس وحكاياتِ فلسطين من الاحتلال إلى الإذلال، ورغم أنك تدرُسُ في الصفِّ الخامس الابتدائيِّ في مصر، فإنك لم تتعَلَّم شيئًا عن العدوِّ الصهيوني ومشروع دولة إسرائيل الممتد من الفرات إلى النيل.
لقد أربَكَتْك التفاصيلُ يا صغيري، لكني لمَحْتُ في عيونك التحدي والإرادة اللذين دفعانني لأن أستمرُّ في حديثي الحماسي معك، وأُحمِّلُك مسئولية #نصرة_الأقصى وهي الأمانة التي عاهدَتْنِي على أن تتحمَّلَها وتنقلها لأبنائك من بعدك، لينقلوها من بعدهم إلى أبنائهم جيلًا عقبَ جيل، لكي نؤصِّل إيماننا بقضيتنا، ونؤكد على جذورها، لتبقى شجرةً يافعةً في وجداننا، راسخةً في أعماقنا، يتردَّد صداها، #القدس_عربية..

سألتَنِي: ولِمَ ننصر القدس يا أبي؟
وأجبتك بتلقائية وصدق، بأننا ننصُرُه لننصرَ أنفسَنا، ونمنَعها من الانزلاقِ في بئرٍ سحيقةٍ من العبثية والعدمية. إننا ننصر فلسطين، لننقذها من أنياب الاحتلال الإسرائيلي، ننصرُها لنفضحَ جرائم الصهيونية التي لا تقل في بشاعتها عن جرائم الأمريكان الأوائل في القارة التي هاجروا إليها وأبادوا منها الهنود الحمر، سكَّانَها الأصليين.

هنا أتذكَّر كيف اكفَهَرَّ وجهُك واندفَعتَ متحمسًا، تُدافِع بكلِّ ما تعلَّمتَه وعرفته عن التاريخ الأميركي، حدثتَنِي عن الثورة الأميركية وحرب الاستقلال (عام 1783)، وما سبقهما من حروب ضد الهنود (المرعبين كما وصَفْتَهم)، كما حكيتَ لي عن نضال الأميركيين ضد إنجلترا، والقصة المثيرة لـ«حفل الشاي في بوسطن» التي كانت بمثابة المرحلة الأولى من نضال المستوطنين الجدد من أجل الاستقلال والحرية، مرورًا بحروب جديدة لطرد الهنود (المشاغبين)، وصولًا إلى الحرب الأهلية (1861 - 1865)، وعدَّدْتَ لي أسماءَ بعضِ رؤساء أميركا خلال هذه الفترة، ومنهم جورج واشنطن.. جون آدمز.. توماس جيفرسون.. أبراهام لينكولن، فقاطعتُك سائلاً عن صلاح الدين وقطز ومحمد علي وعبد الناصر والسادات، فلم ترُدَّ واكتفيتَ بابتسامة حائرة.. قابلتها أنا بابتسامة حزينة على حال التعليم الخاص في بلادي.

ثم سألتَنِي: وكيف ننصر القدس يا أبي؟
فقلت لك: ننصره بأن نعرِفَه جيدًا، ندرُسُ كلَّ شيءٍ عن فلسطين.. موقعها وتاريخها وآثارها، حدودها الحقيقية قبل وعد بلفور، ونفهم الفوارق بين الخرائط المزيَّفَة التي يبثُّها الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة 1948 ثم نكسة 1967، وانتهاء بشكلِها قبل أوسلو ومدريد وبعدهما فيما عُرِف بـ«اتفاق الحكم الذاتي» الذي منح الفلسطينيين سلطةً وهميةً على غزة وأجزاءٍ مبعثرة من الضفة الغربية، لا يربطهما إلا معابر تُهيمِن عليها قوات الاحتلال.


فسألتَنِي: وبعد المعرفة؟! فقلت لك: «الغاوي ينقَّط بطاقيته»، فضحكتَ مستوضحًا، فأخبرتُك أن ما بيننا وبين الصهاينة حربُ وجودٍ.. معركة مستمرة لأجيال قادمة، وعلينا أن نتعلَّم ونجتهدَ لنتفوَّقَ ثم ننتصر عليهم في كل الميادين، قبل أن نصلَ إلى ميدان القتال الحقيقي، وحتى هذا الوقت الذي ربما يأتي متأخرًا، علينا أن نقاوم بالكلمات وبالفنون وكل أشكال المقاومة السلمية المتاحة، نستفيد من التكنولوجيا الحديثة ونستثمر «السوشيال ميديا»، نخاطب شعوب العالم الحرة، نتعلم من معركة الأمم المتحدة الأخيرة التي قادتها مصر، والتي انتصَرَتْ فيها إرادة المجتمع الدولي على الصلف الأميركي.


علينا يا ولدى ألا نستصغِر أيَّ موقف داعم، ولا نقلل من أي جهد صغير يناصر الأقصى ويساند قضية فلسطين، وقد حَمَّلتُك الأمانة أمام الله، واللهُ على ما أقول شهيد.


*نشر في صحيفة «صوت الأزهر» بتاريخ 17 يناير 2017

#مؤتمر_الأزهر_العالمي_لمصرة_القدس
#2018_عام_القدس

#القدس

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...