الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

فـشـل عـمـلـيـة توريـط «الإسـلام».. في «لاس فيـجاس»



رغم صدور أكثر من تصريح «مائع» من الإدارة الأميركية ترجِّح صعوبة ذلك، فإن آلية صناعة خبر تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعملية القتل الوحشية التي وقعت، في مدينة «لاس فيجاس»، تستحق الرصد والتحليل، ربما لا يتكرر فخ توريط «الإسلام» في كل عنف يجري حول العالم، وهو الفخُّ الذي ينصبه «إعلام دولي مشبوه» تحرِّكُه في الخفاء أنظمة سياسية وقوى اقتصادية عالمية، تجاهد لتستثمر كل شيء لخدمة أهدافها.
على سبيل المثال، هذا جزء من خبر بثته وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) بعد دقائق من وقوع الجريمة، حيث ختمت قائلة: «أعاد إطلاق النار في لاس فيجاس إلى الأذهان إطلاق النار بشكل عشوائي أثناء حفل لموسيقى الروك، في باريس عام 2015، مما أسفر عن مقتل 89 شخصًا، ووقع في إطار هجمات منسَّقَة لإسلاميين متشددين أودَتْ بحياة 130 شخصًا».
والخبر الذي صاغته عقول إعلامية مدَرَّبَة ومحترفة، يظهر بوضوح سوء النية المبيَّت لتوريط «الإسلام» في الجريمة التي وَقَعَتْ في الليلة الأخيرة من مهرجان «موسيقى الريف» الذي يحضره الآلاف من الأميركيين في أحد مسارح «لاس فيجاس» المكشوفة، حيث أطلق أحد سكان المنطقة، ويدعى ستيفن بادوك (64 عامًا)، الرصاص بكثافة على الجمهور من الطابق 32 في فندق، فسقط 58 قتيلًا وأكثر مم 500 مصاب، وأطلق الرصاص على نفسه (منتحرًا) قبل أن تدخل الشرطة غرفة الفندق التي كان يُطلِق منها النار.


ثم تورَّطَتْ كلُّ وكالات الأنباء العالمية في بث خبر نقلًا عما تسمى «وكالة أعماق» وهي الناطق الرسمي لتنظيم داعش، يفيد بأن مرتكب الجريمة «بادوك» قد أشهر إسلامه قبل شهور، ثم بعد دقائق قليلة أعلن التنظيم مسئوليته عن تنفيذ عملية «لاس فيجاس»، وبطبيعة الحال تناقلت الخبر كلّ وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية، ونجح «الإعلام المشبوه» في تحقيق هدفه لحظيًّا بتوريط الإسلام في الدم، وترسيخ الكراهية والغضب تجاهه في العقول والقلوب الأمريكية المكلومة في ضحاياها، قبل أن تخرج علينا بخبر حاسم، حيث قال مسئولان أميركيان كبيران إنه «لا توجد أدلة حاليًا على أن مطلق النار الذي قتل ما لا يقل عن 50 شخصًا في لاس فيجاس مرتبط بأي جماعة دولية متشددة».. والخبر بثته وكالة «رويترز».
أما وكالة الصحافة الفرنسية فقد استمرَّتْ على منهجها، عندما نَشَرَتْ حصرًا تقليديًّا لجرائم القتل العشوائية التي شهدتها أميركا خلال السنوات الماضية، واختارت أن تبدأ بالجريمة الوحيدة التي نَفَّذَها أفغاني مسلم وتبناها «داعش» (التنظيم المشبوه والمصنوع في أروقة المخابرات الأميركية)، فعلت «أ.ف.ب» ذلك لثقتها في أن القارئ سيكتفي بالجريمة الأولى ويتعثر في ذكرياتها، ثم يمر سريعًا على بقية الجرائم فيترسخ في ذهنه أن مرتكبيها أيضا من نفس المِلَّة (مِلَّة محمد).
وإذا أُزيحَ التراب عن ذاكرة «السمك» التي تتمتع بها معظم شعوب العالم، وتم تنشيطها، فسنتذكر جميعًا كمَّ الجرائم المشابهة التي ارتُكِبَت في أميركا وأوروبا، قبل أن تظهر موجة (وموضة) توريط الإسلام في كل عنف، فهذه المجتمعات الغربية هي التي صَدَّرَتْ لنا كل أشكال العنف.. مارسَتْه علينا عندما استعمرتنا لقرون، ورسخته في وجداننا بأضخم منظومة «غسل أدمغة»، جَمَعَتْ السينما والآداب والفنون وروَّجَت لها «الميديا» التي أصبَحَتْ حجر زاوية هذه المنظومة، زرعوا كل مناهج العنف وآياته وأشكاله، لنحصد جميعًا الدماء.

رحم الله كل ضحايا العنف في العالم، وألهَمَ  أُسَرَ قتلى ومصابي لاس فيجاس الصبر.

** منشور في صحيفة «صوت الأزهر» الأسبوعية في العدد الصادر يوم 4 أكتوبر 2017


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...