الخميس، 26 أكتوبر 2017

إن كان في أرضك مات شهيد



من ماتوا في طريق الواحات لن يكونوا آخر الشهداء، قائمة الشرف تنتظر المزيد من الأبطال، الحرب مستمرة والمعركة لن تتوقف والإرهاب وَجَّه كل مقدراته إلى مصر بعد أن قُطِعَت أوصاله في سوريا والعراق، ولا تزال ليبيا عارية من سلطة مركزية تستر أمننا القومي وتحمي حدودنا من تسلُّل السلاح والعتاد والمارقين المأجورين الذين تمولهم «أم الإرهاب» ودوحته، وحمى الله قواتنا الجوية، وقوات حرس الحدود الذين تصدوا لبعض شرور كادت تأتينا عبر حدودنا الغربية المفتوحة مع الجماهيرية السابقة.
في أكتوبر، شهر البطولة والملحمة العظيمة في 1973، تستعر نار الغدر وتُغتال أحلام الفجر، وتثكل الحبيبات.. الأمهات والزوجات.. ويتيَتَّم الأبناء والبنات، وتخفت أصوات الأغنيات الفَرِحَة، ويبقى صوته وحيدًا يصدح ويقاوم آهات البكاء والنحيب؛ تبقي «مدد» هي اللحن الصافي والدواء الشافي، أغنية الموسيقار محمد نوح التي كان يردد بحماسة في مطلعها من كلمات الشاعر إبراهيم رضوان: «إن كان في أرضك مات شهيد.. في ألف غيره بيتولد.. مدد.. مدد».
كان الحزن قد اجتاحنا بقسوةٍ قبل أيام، بعد أن أعلنَتْ وزارة الداخلية في بيان رسمي، السبت الماضي، استشهاد 16 من رجال الشرطة في حادث الواحات، بينهم 11 ضابطًا، بالإضافة لـ13 من المصابين، أثناء مداهمات قامت بها القوات لعناصر إرهابية في إحدى المناطق بالعمق الصحراوي بالكيلو 135 بطريق (أكتوبر - الواحات) بمحافظة الجيزة.
إلا أن الله قَدَّر أن يتبدد سواد سحابة الحزن؛ فالأرض التي ترويها دماء طاهرة تُنبِتُ وتُثمِر خير الأشجار، ومن طَرْح هذه الأرض الطيبة من شاهدتُهُ في لقاءات تلفزيونية يتحدث وعرفت قصَّتَه التي كنت أجهلها؛ إنه الشاب المصري شريف سيد مصطفى، الطالب في السنة الأولى بكلية الصيدلة جامعة الأزهر، الذي توِّج بالمركز الثاني في المسابقة العالمية «تحدي القراءة العربي»، التي أُقيمَت تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي. وقد نجح شريف (ممثل الأزهر) في الوصول للتصفيات النهائية بعد منافسة مع أكثر من 7 ملايين و400 ألف طالب وطالبة من 41 ألف مدرسة شاركت في التحدي على مستوى 25 دولة، ووصل إلى التصفية النهائية التي جرت في دبي بين أعلى 16 متسابقًا خضعوا لاختبارات شفهية وتحريرية أمام لجنة التحكيم، وفق معايير خاصة.
وقد حَظِي شريف بشرف مقابلة الإمام الأكبر هذا الأسبوع، ليهنئه ويبارك له نجاحه وتميزه في تمثيل الأزهر الشريف، فقد كان نموذجًا يفتخر به كلُّ مصري؛ نموذجًا صحيحًا وصادقًا لخريجي مدرسة الأزهر الفكرية والثقافية والتنويرية، التي صقلت عقل الطالب الأزهري شريف وأسهمت مع أسرته العظيمة في خلق شخصية متميزة لشاب مصري ينتظره الكثير في مستقبله، وأدعو الله أن ييسر الطريق أمام الحلم الذي أعلنه وأذاعه على الدنيا كلها، حيث تمنَّى أن يدرس الطب في الخارج، وأن يتخصَّص في المخ والأعصاب ويتعهَّد بثقة الحالم الطموح بأن يحصل على جائزة نوبل بمشيئة الله.

لا أظن أن شريف يبالغ في أحلامه، فالفتى القاهري الذي يقرأ 100 صفحة في 6 دقائق معتمدًا على قراءة العين السريعة، والذي حفظ القرآن الكريم في 3 أشهر بعد أن تعلم التجويد (حفظ القرآن بالقراءات العشر)، كما حفظ صحيحَيْ البخاري والمسلم في 40 يومًا، هو نفسه المحاور البارع الذي ظهر في أكثر من لقاء تليفزيوني واثقًا من نفسه ومن أحلامه، حتى إنه أسعدنا في إنشاده الديني الطيب الذي يعكس تسامحًا وتسلحًا في شخصيته يجعلانه مع أقران له يثمرون في أرض مصر الطيبة ويزهرون في كل ربوعها، محاربين أشداء في مواجهة سرطان الإرهاب في كل مكان وزمان.
شكرًا شريف لقد جفَّفْتَ دموعنا، ورسمت «ابتسامة أمل» فخفت أوجاعنا.
وإن كان في أرضك مات (شهيد).. في ألف (شريف) بيتولد..



* نشر في جريدة (صوت الأزهر) بتاريخ 25 أكتوبر 2017

الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

«كتاكيتو» في الساقية.. ومحبة لا تنتهي



كتبتُ هذا المقال قبل 6 أشهر، وسقط مني سهوًا وسط صخب الحياة وزحامها وصراعاتها التي لا تنتهي، ولأنني كتبته من أعماق قلبي، حسمتُ أمري، وقررتُ أن أرسله وأهديَه إلى كل القلوب التي تقاتل من أجل أن تحتفظ بداخلها بمساحة بيضاء، تزرع فيها ورود الحب والحلم بألوانها الزاهية، لترسم لوحة مشرقة للحياة. 
كان يومًا مؤثرًا في حياتي، استيقظت وقلبي (العجوز) يتراقص بشغف غير معتاد في سنواته الأخيرة، وأصابتني حيرة في اختياري لما أنوي ارتداءه لحضور حفل افتتاح مهرجان الساقية للأفلام القصيرة في دورته الـ14 التي عقدت يومي 19 و20 أبريل 2017، حتى حسمتُ اختياري بأن أستعيد بعض شبابي وأرتدي «تي شيرت» أبيض مع «جاكيت» زهري مع بنطالي «الجينز».
كنتُ قد تلقيتُ قبلَها بأيام خبر مشاركة الفيلم الأول لشقيقي الأصغر محمود في فعاليات المهرجان بسعادة كبيرة، حيث إن لجنة المشاهدة قد اختارت فيلم «كوابيس منتصف العمر» (الذي دُفِعتُ لكتابة السيناريو له بحكم الأخوة) مع 21 فيلمًا آخر من بين 58 فيلمًا تقدَّمَتْ للمشاركة في المهرجان، والفيلم مأخوذ من إحدى حكايات «زوربا في شبرا» كتابي الأخير الذي سطع وجوده على أرفف المكتبات مع مطلع عام 2017 في معرض القاهرة الدولي للكتاب، محققًا بفضل الله توزيعًا ورواجًا طيبًا.
تداعت الذكريات في رأسي وأنا جالس في قاعة العرض بجواري شقيقي وأبي وأمي وصغيري مصطفى، وتوقف الشريط عند أبريل 2003 (قبل 14 عامًا بالتمام)، وقتها كنت قد أكتب تجربتي الروائية القصيرة الأولى فيلم (كدبة أبريل)، بعد أن قررتُ مغادرة خشبة المسرح التي رسَّخَتْ عشقي للدراما، والتي قضيتُ عليها سبع سنوات، أتعلم من كواليسها داخل الجامعة وخارجها، مثلت وأخرجت في طريقي نحو التأليف الدرامي، وحصدت جوائز مختلفة ممثلًا ومؤلفًا، وكنتُ أتمنى أن أكمل رحلتي مسرحيًّا، لكن هوس السينما اختطفني، وبدأت محاولاتي الأولى بتشجيع صديق عاشق حقيقي للفن السابع، هو رفيق العمر «صاحب السعادة» المخرج محمد مراد نجل، الراحل أستاذنا ممدوح مراد الذي يُعدّ واحدًا من أهم مخرجي الدراما التاريخية في العالم العربي، الذي كان بيته وسهراتنا معه مدرسة خاصة تعلمنا فيها الكثير من فنون الحياة، وفي هذا البيت الفني وُلِدَت مشاريع كثيرة بيني وبين مراد الأب والابن، أنجزنا القليل منها وتعثر الكثير، وكان أكثرها نضجًا هو فيلم «أغنية الموت» الذي تحمس له النجم الكبير محمود حميدة، وبدأنا معه جلسات عمل على الورق عام 2002، قبل أن يختطفه المخرج يوسف شاهين، ليقوم ببطولة فيلمه «إسكندرية - نيويورك»، ويموت المشروع إكلينيكيًّا، ويسبب لنا إحباطاً كبيراً، وفي محاولة للمقاومة ولد فيلم «كدبة أبريل» من رحم الأحداث الصاخبة والساخنة التي تزامنت مع أيام سقوط بغداد، التي بدأت في 20 مارس 2003 وتفجرت في التاسع من أبريل عندما دخلت القوات الأميركية العاصمة العراقية.
كتبتُ الفيلم بكل جوارحي، وصببتُ فيه جام غضبي على هذه اللحظة الملعونة، كان وقتها الشارع يغلي والقاهرة تخرج عن بكرة أبيها في مظاهرات غير مسبوقة دخَلَتْ للمرة الأولى (في عهد مبارك) إلى ميدان التحرير، وتصاعد العنف مع بدء جلسات العمل بيني وبين صديقي محمد مراد للتجهيز للفيلم الذي قررنا أن ننتجه معًا، ويبدو أن الحالة العامة التي كنا نعيشها في مصر، وما كنا نمر به على مستوانا الشخصي قد جعل أعصابنا مشدودة، لهذا ومع أول خلاف دب بيننا اختطفتُ السيناريو وخرجتُ مقررًا أن أكتفي بصداقتي مع محمد مراد، وأن أنتبه لحياتي بعيدًا عن أحلام الدراما في المسرح أو السينما أو التلفزيون.
وألقيتُ بسيناريو أول فيلم مكتمل من تأليفي في سندرة الأحلام المؤجلة، حتى أذِنَ الله بخروجه للنور بعد أكثر من عشر سنوات، ليس كشريط سينمائي ولكن كجزء من كتابي «النصوص الممنوعة - حلاق مصر» عام 2015، الذي ضم نصَّيْن دراميين آخرين كانا يجاوران «كدبة أبريل» في السندرة ذاتها. ولم يمُتْ عشق الدراما خلال السنوات التالية التي أعقبت «سقوط بغداد»، وأدخلَتْنا جميعًا - معشر العرب - إلى نفق «السقوط الجماعي»، لكن تجمَّدَت الأحلام مؤقتاً مع وصولي إلى عقد «الثلاثين» من عمري، وما صاحب هذا من أحداث مصيرية في حياتي، مثل الزواج ثم دخولي إلى فضاء الإعلام السعودي عام 2004 ثم وفاة شقيقتي عبير (رحمها الله) بسبب إصابتها بسرطان المخ مع مطلع 2005، ثم ترحالي بين الرياض ولندن وصولًا إلى القاهرة من جديد، وفي 16 أغسطس 2007، حصلت على لقب «أب» للمرة الأولى، و من يومها انقلبت حياتي.
وما بين 2007 و2017، جاهدت في أن أسرق بعض الوقت لمحبوبتي (الدراما)، وتراكمت مشاعري وترجمت إلى أعمال درامية معطلة، لم أجد الوقت الكافي لتسويقها بالشكل المناسب، بسبب طبيعة عملي الصحفي، فلديَّ 3 مسلسلات تبحث عن منتج هي: «رئيس التحرير»، و«إياك من حبي»، و«مقام صبا»، ومشروعا رواية وفيلم «الكوبانية» ينتظران الوقت حتى أتمهما، وهناك نص مسرحي يبحث عن فرقة تتحمس وتغامر في ظل اختفاء جمهور المسرح، وحالة التربص المستمر بالإبداع التي تخيم على مناخ الفن المصري، وأخيرًا عشرات الأفكار التي أظن أنها جيدة، توقفت عند مرحلة «القصة»، وما زالت تنتظر الفرصة لمزيد من التطوير حتى تخرج إلى النور.

وقفت بين فواصل الأفلام المعروضة في المهرجان، ألتقط أنفاسي أمام «كانتين» الساقية، وطلبتُ بعض القهوة وجال بصري يبحث عن شيء مناسب لآكله، وكانت سعادتي كبيرة عندما لمحتُ بين الحلويات، شيكولاتة «كتاكيتو» التي كانت دُرَّة تاج مصانع «الشمعدان» الشهيرة في الثمانينات من القرن الماضي، واختفت سنوات طويلة قبل أن تعود لتذكِّر جيلي بأحلى طعم وأجمل أيام، وقفت ألتهمها بفرحة طفولية تناسَبَتْ مع سعادتي بعودة الروح لحلمي مع الفن، نعم عودة الروح من ثقب قاعة (صغيرة) أسفل كوبري في الزمالك، ومن مهرجان لأفلام (قصيرة) يقل عمره، عن عمر مشروعي الفني، هذا المشروع الذي عاد ينبض من جديد مع «كتاكيتو» ليستكمل ما اتصل من محاولات، أملًا في ميلاد حقيقي لـ«واحد بيحب الحكاية».

الاثنين، 23 أكتوبر 2017

«علشان تبنيها».. صوتنا للسيسي



تتَّفِق أو تختَلِف مع الحملات الشعبية التي تطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشُّحِ لفترة رئاسة ثانية (وأخيرة وفق الدستور الحالي)، لكنك لن تستطيع أن تُنكِر أن هذا الحراك الشعبي يؤكد رغبةً صادقةً عند بعض المصريين في استمرار «قائد الجيش» الذي خَلَع بزَّته العسكرية ليُنقِذَ الوطن من فوضى عمَّت البلاد، ويترشح رئيسًا مدنيًّا لجمهورية مصر العربية ليطرد (ويطارد) جماعة مارقة طمعَتْ في السلطة، وكادت تقبض عليه، لتحكُمَنا بالفاشية الدينية، وتستلهم كهنوت التجربة الإيرانية (الملهمة لهم)، لتضع مصر تحت ولاية المرشد، وتختطف أقدم حضارة عرفتها الإنسانية لتحبسها في «الحرملك».. قفص حريم الخليفة التركي «أردو.. غان».
بالطبع لا نستطيع أن نتجاهل وجود حملات (إلكترونية) مضادَّة، مدفوعة ومأجورة لأهداف معروفة، تتخذ شعارات مناهضة للرئيس ونظام حكمه، لكنها لا ترتقي لمرحلة التحول إلى «حملة شعبية» معارِضَة، ولهذا أسباب متعددة، أهمها: أن شعبية الرئيس لا تزال مرتفعة، تتأرجَح في منطقة ثابتة، متوسطها يعطيه أفضلية أمام أي مرشح محتمل، رغم ما يعانيه المصريون معيشيًّا خلال العام الأخير، بسبب سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها حكومة شريف إسماعيل، ورغم الإحباط العام بسبب غياب الحياة الحزبية، وضَعْف الأداء البرلماني، وهو ما يمنع أيَّ أمل في أي تطور سياسي يمكن أن تشهده مصر في المستقبل المنظور.
يراهن السيسي على ما تَحَقَّق من إنجازات على الأرض؛ من حركة تشييد وعمران واسعة، وتطوير وتمهيد لشبكة الطرق في كل ربوع مصر، وظهور الملامح الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، يراهن على وضع بذور لإصلاح اقتصادي حقيقي بعيدًا عن مسكِّنَات العهود الماضية التي أوصلت الدولة إلى حافة الانهيار الاقتصادي، يراهن أيضًا على نجاح سياساته الخارجية سواء دوليًّا أو إقليميًّا أو عربيًّا،  وبرز هذا النجاح في التوازن السياسي بين أميركا وروسيا، وفي تشكيل تحالف استراتيجيٍّ عربيٍّ يجمع مصر مع السعودية والإمارات والبحرين، نجح في مواجهة وتقويض دولة قطر المارقة وحاكمها الممول الرئيسي للإرهاب والداعم لكل التنظيمات الدينية الراديكالية، والمتواطئ مع كل الطامعين.. الطامحين في ثروات المنطقة وعلى رأسهم تركيا وإيران «الشريفة»!!
وفي ظنِّي أن أهم إنجاز في سنوات حكم الرئيس، كان الاهتمام الكبير بالشباب، الذي ترجَمَتْه الرئاسة في برنامج تدريبيٍّ ومؤتمرات دورية يصدر عنها توصيات تتم متابعة تنفيذها بآليات عصرية متطورة، وتُوِّج هذا الجهد بالقرار الجمهوري الذي صدر قبل ثلاثة أشهر بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، والتي تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بجميع قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم.
وتعد حملة «عشان نبنيها» أبرز الحملات الشعبية المطالبة بإعادة انتخاب السيسي رئيساً، وعددت في دعايتها بعض من إنجازات تمت خلال فترة حكمه، ومنها: القضاء على فيروس الكبد الوبائي (سي)، وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمعدَّل غير مسبوق منذ قيام ثورة يناير 2011، حيث تخطى 36 مليار دولار، وبداية عصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وأخيرًا الاهتمام الواضح بتسليح الجيش المصري وتطوير معداته ورفع كفاءته التدريبية.

ورغم قرب الموعد، فإنه لم يُعلِنْ أحد رغبةً مؤكدةً للترشُّحِ لمنصب رئيس مصر (بما في ذلك السيسي)، ومن المفترض أن تتم الدعوة لانتخابات الرئاسة المصرية في فبراير 2018، وينص الدستور المصري على أن من شروط الترشح أنه «لا بد أن يحصل المرشح على توكيلات من 20 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب. أو ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقلّ، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة. وذلك على النحو الذي ينظمه القانون». وفي كل الأحوال تبدو المعركة الانتخابية محسومة لصالح اختيار الشعب، وهو عبد الفتاح السيسي ليُكمِلَ ما بدأ من عملية بناء لمصر الحديثة تحت شعاره الأثير.. «تحيا مصر».

*نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 18 أكتوبر 2017

الجمعة، 13 أكتوبر 2017

لنفرح بعودة غزة


في منتصف أغسطس من العام الحالي تمكَّنَ عشرات الأطفال الفلسطينيين (أعمارهم بين 8 و14 عامًا) من قطاع غزة من زيارة القدس للمرة الأولى في حياتهم، في إطار برنامج تبادل تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي إحدى الوكالات التابعة الأمم المتحدة. وقد أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن الأطفال صَلَّوا في المسجد الأقصى، والتقطوا صورًا قبل أن يغادروا، وكانوا «فرحين للغاية».

لا أدري لماذا دَمَعَتْ عيناي عندما قرأتُ هذا الخبر، مثلما تدمع حزنًا كلما نَظَرْتُ إلى ديواني الثاني «حدوتة بنت اسمها.. فلسطين» الصادر عام 2008 عن مركز الحضارة العربية، فلقد أدمى جرح الانقسام الفلسطيني قلبي كما أوجع قلوبًا كثيرة في عالمنا العربي والإسلامي، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقَّع أو يحلم بأن ينتهي هذا التشرذم الفلسطيني (فتح وحماس/ الضفة وغزة) في عشية وضحاها، وعلى يد مَن..؟! مصر التي أُبعَدَت لسنوات، وبفعل فاعل، عن حقِّها الأصيل في دعم وإدارة هذا الملف الشائك (غزة)، والمشاركة في حل تلك القضية التاريخية.. قضية فلسطين.. التي ضَحَّتْ (وتُضحِّي) من أجلِها بالغالي والرخيص.

وفاضت الدموع، دموع الفرحة هذه المرة، في مطلع أكتوبر الحالي، عندما لمحتُ علم مصر يرفرف من جديد في غزة، وأغنية «تسلم الأيادي» تستقبل وفدًا مصريًّا برئاسة السيد خالد فوزي رئيس المخابرات العامة، ليتوِّجَ جهدًا مصريًّا وفلسطينيًّا وعربيًّا في إذابة جبل الجليد بين شعب فلسطين الحبيب على طرفَيْ نقيضِهِ، وتفهَّمت الزفة الإعلامية التي صاحبت الزيارة (رغم فجاجتها).

لقد مارست القاهرة كعادتها دورًا دبلوماسيًّا وأمنيًّا منضبطًا، وقفَزَتْ على الغدر والخيانة الحمساوية (الإخوانية) في قطاع غزة منذ 25 يناير 2011 وحتى أسابيع قليلة، ليستوعبَ كلُّ المزايدين أن مصر تستطيع أن تبتلع الألمَ وتضمِّد جراحها من أجل أن تخطوَ بشكل عملي وصادق نحو مستقبل أفضل لها ولأشقائها العرب، وفي مقدمَتِهِم فلسطين التي تمثل جزءًا لا يتجزَّأُ من الأمن القوميِّ المصري.

وكعادته دومًا، كان الأزهر في مقدمة المتحمسين للمصالحة الوطنية الفلسطينية، وعَبَّر عن ذلك في بيان رَحَّبَ فيه بالخطوات التي اتخذها الأشقاء نحو التمسُّكِ بالوحدة والائتلاف ونَبْذ الفرقة والخلاف، التي تُوِّجَت بوصول رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله إلى قطاع غزة في الثالث من أكتوبر 2017، بعد انقطاع دام ثلاثَ سنوات.. وشدَّدَ الأزهر على «وقوفه بجانب أبناء الشعب الفلسطيني في نضالهم من أجل استعادة أرضهم المحتلة وإقامة دولتهم المنشودة، وعاصمتها القدس الشريف».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس محددًا ومحقًّا حين اختزل الحل في جملة قصيرة: «دولة واحدة بقانون واحد وسلاح واحد». أما إسماعيل هنية القيادي البارز في حماس فكان موفقًا حين تحدث بنبرة متفائلة: «نقول لأبناء شعبنا: قد يكونُ على الطريق بعضُ الصعاب، ولكننا سنحقِّق المصالَحَة مهما كان الثمن».

وبعيدًا عن لقاءات القاهرة المتوقَّعَة بين حماس وفتح لتفعيل خطوات المصالحة، وعلى رأسِها تشكيل حكومة وحدة فلسطينية، وبعيدًا عن ردود الفعل الإسرائيلية المحبطة، التي تجَلَّت في تعبير نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، والذي وصفها بـ«مصالحة وهمية»، لأنها لا تتضمن الاعتراف بإسرائيل، وحلّ الجناح العسكري لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وقطع علاقاتها مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية.
بعيدًا عن كل هذه التفاصيل، من حقِّنا أن نفرح ونشيد ونفخر بالجهد المصري في هذا الملف، ومن حق الشعب الفلسطيني (تحديدًا أهل غزة) أن يستبشروا خيرًا بالأيام المقبلة، وعلى النخب السياسية في كل الفصائل الفلسطينية أن تكون على قدر المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقهم.



عاش نضال الشعب الفلسطيني
وعاشت القدس مسلمة.. عربية.. فلسطينية.

* نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 11 أكتوبر 2017

الخميس، 12 أكتوبر 2017

«ترويسة» الشرق الأوسط


تبقى ذكرى ظهور اسم «محمد مصطفى أبو شامة» للمرة الأولى في ترويسة صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط»، في يوم الأربعاء الموافق 13 أكتوبر 2010، ذكري خالدة في وجداني.
فقد كانت حدثًا وشرفًا لم يسبِقْني إليه أحد من الزملاء الذين أداروا مكتب الصحيفة بالقاهرة، وهو المكتب الأهم والأكبر بين مكاتبها المنتشرة في أرجاء العالم، وكلُّهم - بالمناسبة - أسماء كبيرة ومهمَّة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية، يكفي أن نقول إن منهم الأساتذة الكبار إبراهيم سعدة، وعماد أديب، وجمال عنايت، وعمرو عبد السميع، ولبيب السباعي، وعبد اللطيف المناوي، وعبد المنعم مصطفى.
لهذا فالحدَثُ يصعُبُ أن يَسقُطَ من ذاكرتي أو يختفيَ من تاريخي المهني الذي صنعتُهُ بعرقي وجهدي (دون واسطةٍ أو محسوبيةٍ أو علاقاتٍ عامَّةٍ أو شِلَلِيَّةٍ) عبر رحلة طويلة في بلاط صاحبة الجلالة تمتدُّ لأكثر من 25 عامًا.
لقد كان وَضْعُ اسمي في ترويسةِ أهم صحيفة عربية، شهادةَ تقديرٍ عزيزةً وغاليةً من الزميل المحترم الأستاذ طارق الحميد رئيس التحرير الأسبق للصحيفة، بعد ثلاث سنوات من العمل الصحفي الدءوب والمخلص بالصحيفة؛ بين مقرِّها الرئيسي في لندن، ومكتبها في القاهرة، وأكثر من عامين في إدارة التحرير، وإعادة تأسيس المكتب الذي توسع بشكل غير مسبوق تحت إدارتي.
وقد تم تكليفي بالعمل مديرًا لمكتب الصحيفة بالقاهرة (مسئولَ تحريرٍ) في 31 مارس 2008، في رحلة امتدت 5 سنوات، قبل أن تتوقف مؤقتاً في 31 مارس 2013 لأكثر من عام، وتعود من جديد لثلاث سنوات تحت قيادة الصحافيِّ المحترم الخلوق الأستاذ سلمان الدوسري، انتهت في 31 يوليو 2017.
رحلةٌ فخورٌ بها جدًّا، وسعيدٌ بما أنجزتُهُ فيها من أعمال، شاركني فيها عشراتُ الزملاء ممن وفَّرَتْ لهم «الشرق الأوسط» الفرصة، وأتاحت لهم التجربة التي أصقَلَتْهم وأسهَمَتْ بشكلٍ مؤثِّر في كل نجاح حصدوه (وإن أنكروا ذلك أو أسقَطُوهُ من حساباتِهِمْ).
للمفارقةِ، كان ظهور اسمي في «الترويسة» سببًا في كل معاناة لاحقة حَدَثَتْ لي في تجربتي مع «الشرق الأوسط»، فبعيدًا عن اسم مؤسسَيِ الصحيفة هشام وعلي حافظ، توجد ثلاثةُ أسماءٍ سعودية، واسمانِ مصريانِ، رَحِمَ اللَّهُ من ماتَ ومَتَّعَ بالعافيةِ كلَّ مَن تقاعدوا وما زالت إسهاماتُهُم الإعلامية ساطعة.

وتبقى كلمةُ شكرٍ صادقة من القلب لمن مَنَحَني فرصة العمل بالمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (ناشر «الشرق الأوسط» و«المجلة» وغيرهما من المطبوعات الخالدة في تاريخ الصحافة العالمية)، في عام 2004، وهو معالي الدكتور عزام الدخيل المستشار الحالي بالديوان الملكي السعودي، ووزير التعليم السعودي السابق، وهو أيضا الرئيس التنفيذي السابق للمجموعة، وصاحب الأيادي البيضاء على كثيرٍ من العاملين بالحقل الإعلامي في عدة دول عربية، أثابه الله بقدر نيته.



الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

فـشـل عـمـلـيـة توريـط «الإسـلام».. في «لاس فيـجاس»



رغم صدور أكثر من تصريح «مائع» من الإدارة الأميركية ترجِّح صعوبة ذلك، فإن آلية صناعة خبر تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعملية القتل الوحشية التي وقعت، في مدينة «لاس فيجاس»، تستحق الرصد والتحليل، ربما لا يتكرر فخ توريط «الإسلام» في كل عنف يجري حول العالم، وهو الفخُّ الذي ينصبه «إعلام دولي مشبوه» تحرِّكُه في الخفاء أنظمة سياسية وقوى اقتصادية عالمية، تجاهد لتستثمر كل شيء لخدمة أهدافها.
على سبيل المثال، هذا جزء من خبر بثته وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) بعد دقائق من وقوع الجريمة، حيث ختمت قائلة: «أعاد إطلاق النار في لاس فيجاس إلى الأذهان إطلاق النار بشكل عشوائي أثناء حفل لموسيقى الروك، في باريس عام 2015، مما أسفر عن مقتل 89 شخصًا، ووقع في إطار هجمات منسَّقَة لإسلاميين متشددين أودَتْ بحياة 130 شخصًا».
والخبر الذي صاغته عقول إعلامية مدَرَّبَة ومحترفة، يظهر بوضوح سوء النية المبيَّت لتوريط «الإسلام» في الجريمة التي وَقَعَتْ في الليلة الأخيرة من مهرجان «موسيقى الريف» الذي يحضره الآلاف من الأميركيين في أحد مسارح «لاس فيجاس» المكشوفة، حيث أطلق أحد سكان المنطقة، ويدعى ستيفن بادوك (64 عامًا)، الرصاص بكثافة على الجمهور من الطابق 32 في فندق، فسقط 58 قتيلًا وأكثر مم 500 مصاب، وأطلق الرصاص على نفسه (منتحرًا) قبل أن تدخل الشرطة غرفة الفندق التي كان يُطلِق منها النار.


ثم تورَّطَتْ كلُّ وكالات الأنباء العالمية في بث خبر نقلًا عما تسمى «وكالة أعماق» وهي الناطق الرسمي لتنظيم داعش، يفيد بأن مرتكب الجريمة «بادوك» قد أشهر إسلامه قبل شهور، ثم بعد دقائق قليلة أعلن التنظيم مسئوليته عن تنفيذ عملية «لاس فيجاس»، وبطبيعة الحال تناقلت الخبر كلّ وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية، ونجح «الإعلام المشبوه» في تحقيق هدفه لحظيًّا بتوريط الإسلام في الدم، وترسيخ الكراهية والغضب تجاهه في العقول والقلوب الأمريكية المكلومة في ضحاياها، قبل أن تخرج علينا بخبر حاسم، حيث قال مسئولان أميركيان كبيران إنه «لا توجد أدلة حاليًا على أن مطلق النار الذي قتل ما لا يقل عن 50 شخصًا في لاس فيجاس مرتبط بأي جماعة دولية متشددة».. والخبر بثته وكالة «رويترز».
أما وكالة الصحافة الفرنسية فقد استمرَّتْ على منهجها، عندما نَشَرَتْ حصرًا تقليديًّا لجرائم القتل العشوائية التي شهدتها أميركا خلال السنوات الماضية، واختارت أن تبدأ بالجريمة الوحيدة التي نَفَّذَها أفغاني مسلم وتبناها «داعش» (التنظيم المشبوه والمصنوع في أروقة المخابرات الأميركية)، فعلت «أ.ف.ب» ذلك لثقتها في أن القارئ سيكتفي بالجريمة الأولى ويتعثر في ذكرياتها، ثم يمر سريعًا على بقية الجرائم فيترسخ في ذهنه أن مرتكبيها أيضا من نفس المِلَّة (مِلَّة محمد).
وإذا أُزيحَ التراب عن ذاكرة «السمك» التي تتمتع بها معظم شعوب العالم، وتم تنشيطها، فسنتذكر جميعًا كمَّ الجرائم المشابهة التي ارتُكِبَت في أميركا وأوروبا، قبل أن تظهر موجة (وموضة) توريط الإسلام في كل عنف، فهذه المجتمعات الغربية هي التي صَدَّرَتْ لنا كل أشكال العنف.. مارسَتْه علينا عندما استعمرتنا لقرون، ورسخته في وجداننا بأضخم منظومة «غسل أدمغة»، جَمَعَتْ السينما والآداب والفنون وروَّجَت لها «الميديا» التي أصبَحَتْ حجر زاوية هذه المنظومة، زرعوا كل مناهج العنف وآياته وأشكاله، لنحصد جميعًا الدماء.

رحم الله كل ضحايا العنف في العالم، وألهَمَ  أُسَرَ قتلى ومصابي لاس فيجاس الصبر.

** منشور في صحيفة «صوت الأزهر» الأسبوعية في العدد الصادر يوم 4 أكتوبر 2017


الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

«قاعدة» تركية على «القرن الأفريقي»



بشكلٍ مباغتٍ قَفَز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ببلاده فوق حرائق ومعارك محيطها الإقليمي (الشرق أوسطي والأوربي)، قفزةً إستراتيجيةً مؤثِّرة في اتجاه القارة الأفريقية، ليدشن فيها أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج، ويختار أكثر نقاطها تأثيرًا في منطقة القرن الأفريقي (أو ما يُسمَّى شبهَ الجزيرة الصومالية) بالقرب من مضيق باب المندب.
المثيرُ فيما سَبَقَ هذا المشهد من قيامُ الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، بزيارة السعودية، الأسبوعَ الماضيَ، حيث التقى خادم الحرمين ووليَّ عهده، وسبقها بزيارة أخرى للقاهرة قبل أكثر من شهر، وهما زيارتان لا يكتمل الهدف منهما إلا بخبر افتتاح القاعدة التركية في مقديشو، ولن تتضح أبعادهما إلا بمعرفة خبر قيام دولة الإمارات بتشييد قاعدة عسكرية كبيرة في «أرض الصومال.. (صوماليلاند)» التي أعلنت استقلالها عن الصومال ولم تنَلْ اعترافًا دوليًّا بعد.
ويحظى الصومال بأهميةٍ استراتيجية كبيرة، لهذا أصبَح ملعبًا مفتوحًا لأطراف عربية وإقليمية ودولية متعددة بدعوى محاربة «حركة الشباب»، حيث ينتشر فيه أكثر من 20 ألف جندي من قوات الاتحاد الأفريقي ودول أجنبية أخرى، كما أن هناك عددًا من القواعد العسكرية الأجنبية في الصومال بالفعل.
وتقوم قوى أجنبية، بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بتدريب القوات الصومالية، وهو السبب ذاته الذي تَذَّرَعَتْ به تركيا، فلقد دفعت حكومة أردوغان 50 مليون دولار (قيمة تكلفة القاعدة العسكرية) بزعم أن ضباطها سيتولون تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في القاعدة.
وكثَّفَتْ تركيا اهتمامها بأفريقيا منذ عام 2005، وفق أجندة اقتصادية في ظاهرها، وقد أوضحت «رويترز» أن التعامل التجاري زاد بشكل ملحوظ (مع الصومال تحديدًا)، ففي عام 2010 بَلَغَتْ الصادرات التركية للصومال 5.1 مليون دولار فقط. وبحلول العام الماضي ارتفعت بشكل كبير إلى 123 مليون دولار. وأصبحت تركيا خامس أكبر دولة مصدِّرَة إلى الصومال بعد أن كانت في المركز العشرين.



وكشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن تركيا بذَلَتْ جهدًا كبيرًا في تعزيز علاقاتها مع أفريقيا، توَّجَتْه بافتتاح القاعدة العسكرية في الصومال، وسبقَتْه بوجود عسكري محدود داخل القارة السمراء في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وإريتريا. بينما أوضَحَتْ صحيفة «عرب نيوز» السعودية، أن تركيا تسعى لتولي سلطات أوسع في الخليج، من خلال قاعدتها العسكرية في قطر، التي استقرَّتْ في الدوحة بعد أن استنجد بها حاكمُ قطر لتحمِيَ عرشَه، ليفرض الوجودَ العسكريَّ التركيَّ نفسَه كحدثٍ أبرز على المنطقة، يعكس أطماعًا كبيرة للأتراك في الخليج العربي وأفريقيا، وذلك لن يكون أبدًا إلا على حساب مصر، انتقاصًا من دورها ونفوذِها ومحيط تأثيرها، لهذا علينا أن نتنبَّه ونستعدَّ لخطر هذا الاستعمار القادم والمتخفِّي تحت عباءة إسلامية زائفة.

ولمن لا يُدرِك حجم الخطر، يكفيه أن يدرس سيناريو التغلغل التركي في الصومال، الذي جاء وفق الأساليب المعروفة والمتبعة من كل الدول الاستعمارية عبر التاريخ (وعلى رأسِهِا الاحتلال العثماني)، ثم يتمّ دراستَه بتحليل تصريحات وزير الإعلام الصومالي عقب افتتاح القاعدة العسكرية، التي ختمها قائلاً: «هذا أمر لم يشهَدْه الصومال قطّ على الرغم من أن دولًا، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تعطينا الملايين. الاختلاف هو أن المعسكر الذي شيدته تركيا مؤسسة ستظلّ خلال الخمسينَ أو المائة عام المقبلة». وأزيده: ربما تظلُّ خمسة قرون قابعة على أنفاسكم مثلما فعلها سابقوهم من العثمانيين (بتوع يا لالالي أمان).

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...