مسألة تحويل دور
العبادة (من مسجد إلى كنيسة أو العكس) تشعل الفتنة بين الأديان، وما فعله أردوغان
في كنيسة «أيا صوفيا» خطأ كبير وعمل مستفز لكل مسيحي العالم ومسلميه (العقلاء)، لا
يقل في قسوته عن تحويل مسجد «قرطبة الكبير» في أسبانيا إلى كنيسة ومساجد أخرى
مثيلة له في الأندلس بعد سقوطها، كما لا تقل الفعلة التركية غبائها وحماقتها
وجرمها عن أفعال الصهاينة في القدس الشريف، وما يدبرونه للمسجد الأقصى وما فعلوه
في مساجد المسلمين وكنائس الأقباط من انتهاكات مستمرة منذ سرقوا فلسطين واستباحوا
الأمة العربية من محيطها إلى خليجها.
الفتنة التي
يشعلها هذا (الأرعن العثمنلي) والتي انبهر بها بعض اشاوسنا من مرتزقة المسلمين
وجهلائهم، سندفع جميعا ثمنها وستحرقنا نيرانها، اضطهاد المسلمين والإسلام لا يفرق
بين الأجناس أو الجنسيات، فنحن (المسلمون في كافة أرجاء العالم) حتى اليوم نسدد
فواتير الإرهاب الديني والتي كان من أشهرها حادث تفجير برجي مركز التجارة العالمي
في سبتمبر 2001 بمنطقة مانهاتن في مدينة نيويورك، وغيره من حوادث امتدت حتى خرجت
علينا «داعش» بصنوف العبث الإرهابي لتمرغ في التراب أخر ما تبقى من صورة نقية عن
ديننا الحنيف.. والذي أدى بدوره إلى تنامي وتزايد خطير لظاهرة «الإسلاموفوبيا»
وتفشيها في الغرب.
تابعت تبريرات
بعضهم لأحقية الإسلام في المسجد (الكنيسة)، وما قيل عن وثيقة الملكية التي تثبت
شراء محمد الفاتح للكنيسة والأرض المشيدة عليها، وذلك وفق ادعاء أردوغان وعصبته
الذين أكدوا أن سلطانهم (الحقاني) قد اشتراها من حر ماله ومال عياله إبان فتحه
القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية عام 1453، وهو هراء يراد للسذج أن يروجه
ويصدقوه كي يناموا مرتاحي البال فخورين بجيش محمد الذي سوف يعود على يد البجم
التركي وزبانيته من الإخوان، مغلفين كل وقائع التاريخ التي تنفي هذه القصة وتؤكد
أن الكنيسة سرقت مثلما سرق العثمانيون كل الدول التي احتلوها (تحت شعار الفتح
العثماني الإسلامي)، ومنها مصر (المحروسة)، التي اغتصبوا خيراتها ووصل الفجر
العثماني إلى حد خلع أعمدة المساجد ورخامها ومآذنها وشحنها إلى بلادهم مع خيرة
العمال والصناع والعلماء، كما سرقوا كل البلاد التي دخلوها، ليشيدوا امبراطوريتهم
بالحرام ويلبسوها ثوب الحلال الإسلامي، فيتبعهم البلهاء في كل زمان، ولهذا نجحوا
في أن يحكموا خمسة قرون متصلة بهذه الألاعيب الدينية والسياسية.
وأذكركم وكل
الفرحين بمجد الإسلام على طريقة البهلول التركي بما فعله أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، عندما امتنع عن الصلاة في كنيسة القيامة بعد أن أدركته الصلاة
وهو فيها، وقولته الشهيرة : «ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون
من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا»، حينها كان عمر يتسلم مفاتيح بيت
المقدس من البطريرك صفرونيوس، وكان تحت سيطرته نقود كثيرة في بيت المال تنتظر
إشارته، لكن الشيطان لم يقرب من عقله الفطن المؤمن ويوسوس له بشراء الكنيسة أو
الإدعاء بذلك، بل تركها بيت يعبد فيه الله لإخواننا النصارى، ليضع أهم لبنة في
تاريخ التسامح والتعاون بين الأديان، ومخلداً الصورة الصحيحة عن الإسلام دين
الحضارة الذي يحترم ويقدر ويحمي الآخر المختلف في الدين أو العرق أو الجنس.
واختتم بالدكتور عباس
شومان وكيل الأزهر السابق وحديثه عن «آيا صوفيا» في خطبة الجمعة الماضية، حيث قال:
«إن الإسلام يحترم دور العبادة لمختلف الديانات، ولا يجوز تحويل الكنيسة لمسجد،
مثلما لا يجوز تحويل المسجد لكنيسة، هذا المبدأ مرفوض في الفكر الأزهري، ويجب
احترام دور العبادة لكل أتباع الديانات»، وأضاف فضيلته: «ما يخص الإسلام فهو
إسلامي، وما يخص المسيحية فهو مسيحي، وما يخص اليهودية فهو يهودي، هذا التصرف
(التركي) مستفز وتصرف غير متفق مع تعاليم الإسلام التي عرفناها وطبقها سلفنا
الصالح والذي عرف عنهم حرصهم على مقدسات الآخرين ورعايتها وعدم المساس بها».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق