الأربعاء، 1 يوليو 2020

حمزة العرب.. والشاطر حسن




في أسبوعي الأخير أتخذت قراراً ثورياً (تأثرا بأجواء الاحتفالات بـ 30 يونيو الميمونة)، بأن اقوم بترتيب مكتبتي الغالية، وهو قرار تأخر سنوات طويلة تزاحمت فيها الكتب و تراصت بعشوائية منتظمة، حتى فقدت ذاكرتي القدرة على استرجاع مئات العناوين المهمة التي جمعتها بجهد جهيد عبر رحلة ممتدة من البحث والشراء والأستعارة و(اللطش أحياناً) لأكثر من 35 عاماً، وقصة عشق خالدة بيني وبين الكتب من (فرشات) الشوارع إلى (أرفف) المكتبات والمعارض، أحمد الله أنها مستمرة وبنفس الصدق والإخلاص حتى اليوم، رغم طوفان ال(pdf) والكتاب المسموع  وغيرها من طرق تعاطي الثقافة التي لا تخيل على مدمني الكتاب المطبوع، أصحاب «كيف» الورق ورائحته ورحيق حبر المطابع المعتق بتراب الزمن.
ولأن «الكيف مذلة» يبقى عشاق الكلمة المطبوعة على ولائهم للكتاب، حتى لو غرر بهم الزمن مثلي و(تعصرنوا) وخاضوا التجربة الإلكترونية الماجنة، لهذا فقد وجدت متعة كبيرة وأنا أتصفح كتبي وأتذكر مواقف كثيرة ترتبط بكل منها، بعضها مغامرات طريفة وبعضها تجارب مريرة، مر شريط ذكرياتي مع كتبي حتى توقف أمام كتاب كان قد سقط من ذاكرتي تصفحته بتردد، وفاجئني الإهداء الموجود في صفحته الأولى.
حمزة العرب.. هو عنوان الكتاب، وهو مسرحية شعرية للشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة وصادر عن سلسلة «مسرحيات عربية» وجهة النشر هي الهيئة العامة للتأليف والنشر (وهي حاليا الهيئة العامة للكتاب بمقرها على كورنيش بولاق)، وسعر النسخة 15 قرشاً، أما الأهداء فكان من حسن الجوخ أستاذ مادة اللغة العربية إلى العبد لله (محمد مصطفى) وكنت وقتها في الصف الأول الإعدادي عام 1984، وكنت وقتها (ولسنوات تالية كثيرة) من المتفوقين في كل المواد الدراسية، ولكن كانت تربطني علاقة خاصة مع مادة اللغة العربية، ورغم سقوط الكتاب من ذاكرتي إلا أن أستاذ المادة بقي اسمه محفورا في ذاكرتي، لأنه منحني أول رسالة مشجعة لدخول عالم الأدب (كمتفرج أولا ثم كمشارك فعال) وكانت أحاديثه معي محفزة للقراءة والاطلاع بشغف ونهم، وظني أني حصلت منه على أربعة أو خمسة كتب كانت باكورة انطلاقي بين كتب الكبار الذين زاحمت كتبهم في مكتبتي الصغيرة مجلات ميكي وسمير وسلاسل «المغامرون الخمسة» و«الشياطين الـ 13» ثم «رجل المستحيل».
وبحكم اهتمامي بالعمل الثقافي في مصر، تابعت سعيداً وفخوراً المسيرة الأدبية لأستاذي بعد أن تألق في الإبداع والعمل الثقافي، وأصبح له أسماً مرموقاً كناقد أدبي معتبر، لقد تأخرت في الكتابة،  و«كل تأخيره وفيها خيرة»، فقد وجدت مؤخرا صاحب الإهداء (مدرسي القديم) على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، تصادقنا دون أي تواصل فعلي حتى الآن (لأني لم أجده متفاعلاً على صفحته)، كما أني كنت أنتظر اللحظة التي أكتب إليه رسالة شكر تليق بفضله ودوره المؤثر في مسيرتي الإنسانية وعلاقتي مع الكتابة.
كان الجوخ معلماً إستثنائياً في حياتي التعليمية، لم ألتق بمثله إلا فيما ندر، لم يطلب منه كأستاذ للمادة أكثر من الشرح والتدريس لطلابه، لكنه جاد بما هو أكثر واجتهد ليؤثر،  كان مدرسا مميزا وصار علما أدبياً، فاستحق أن يكون «الشاطر»، في حياتي وحياة تلاميذه في مدرسة «شبرا القومية».
تحية محبة وتقدير لأستاذي المحترم.. حفظه الله.
وأرجو أن يسامحني على اختراعاتي اللفظية وسهواتي النحوية (والكي بوردية)..
فلقد أفسدتنا الكتابة الجديدة.
تلميذك القديم

محمد مصطفى أبو شامة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...