الأربعاء، 11 ديسمبر 2019

مطلوب «منتقبة» ترقص باليه


قبل أن نحكي عن الطلب (العجب)، وتفاصيل المطلوب الذي أشرت إليه في عنوان مقالي، أخبركم أولا عن رأيي في مسألة عمل «المنتقبات»، فهو بالنسبة لي مرفوض، ليس في الأمر ظلم أو تجني أو تنمر، هي وجهة نظري وتحتمل الصواب أو الخطأ بالطبع، كما أنها مطروحة في مقال عام، لهذا لا استبعد أن تواجه بانتقاد ومعارضة ورفض، وربما قبول واتفاق، فـ «النقاب» ليس قضية دينية مثل «الحجاب»، بل هو زي نسائي يمكن أن نختلف أو نتفق على أهمية إرتدائه، ويمكن تصنيف قصته تحت بند الحريات الشخصية، ومثلما أرفض المنتقبات في العمل، فإني أرفض «المتبرجات» ممن يتخففن من ملابسهن أو يفرطن في إستخدام الماكياج بطريقة مثيرة ومتعمدة، كلهن يعرقلن العمل، وخاصة الأعمال التي تتطلب التعامل المباشر مع الجمهور.
وفي رأيي ان من اقتنعت بضرورة اخفاء الوجه (تطوعا) تقرباً إلى الله، عليها أن تلزم دارها وتعتزل الناس إلا في حالات الضرورة، ام من قررت (أو اضطرت) للسعى وراء رزقها، ونزلت من بيتها للعمل فإن عليها أن تكشف وجهها للناس كي يطمئنوا لشخصها ويتفاعلوا مع دورها، فالعمل الذي رفعناه إلى مرتبة العبادة، ربما يقترب في قيمته (وخصوصا للمرأة العاملة) إلى منزلة زيارة بيت الله الحرام، الذي تكشف فيه كل أمرأة مسلمة عن وجهها (فرضا).
بالطبع يدرك القراء الاعزاء لماذا ألح علينا أمر النقاب مؤخرا، فقصة التعيين المؤقت لسيدة منتقبة للقيام بأعمال «مدير قصر ثقافة» بإحدى محافظات الوجه البحري (كما أكدت وزيرة الثقافة)، فتح شهية فريق من المجتمع للمزايدة الدينية والجدل والعبث المعتاد، والذي تصدره اعلاميي «الظيطة»، ووصل الامر بأحدهم إلى الهذيان، فانفعل متسائلا كيف تتولى «منتقبة» منصبا من أهم مقوماته إتقان فن «الباليه»، وانفعل ساخرا: «ازاي منقبة هاتعلم البنات رقص الباليه؟».
وقد حفزني «حديث الباليه» فوضعته على رأس مقالي، سخرية من العبث الفضائي، ولأرد على الزميل الإعلامي، بأنه ليس مطلوبا في أي قيادة ثقافية أن تتقن كل الفنون، ولايشترط أصلا أن يكون (تكون) فناناً، يكفي أن يكون له قدرات إدراية وخبرات واضحة في تنظيم الفعاليات الثقافية وإلمام بالنظم واللوائح والضوابط المالية.
لا جديد، كما تعودنا فإن الاعلام (الموجه) تصاحبه «السوشيال ميديا»، أشعلوا نار النقاش في أمر لا يستحق، وزجوا بالدين كالعادة في مواجهة مع الدولة المدنية، وكأننا في معركة مستمرة بين تيارين كلاهما يحاول أن يهيمن على الدولة المصرية، وفي مسألة «النقاب» ظني أن هناك أطراف كانت لها مصلحة في ابقاء القصة على أجندة إهتمامات المجتمع فترة أطول، وربما يزيد من هذا البقاء إصرار السيدة منى القماح المديرة (المنتقبة) لقصر ثقافة كفر الدوار (محافظة البحيرة) في الدفاع عن حقها بالمنصب والوظيفة، وهو حق لن يمنعها عنه أحد.
وأعتقد أنه قد حان الوقت لتحسم الدولة موقفها من هذه الإشكالية بشكل واضح وصريح، وكان البرلمان المصري بصدد إصدار تشريع يحظر النقاب في الأماكن العامة، ولا أدرى حتى الأن في أي محطة تعطل إصدار هذا القانون، ولا أعرف لماذا لم يتم طرحه للنقاش المجتمعي، ربما كنا وصلنا إلى صيغة تكتفي بالحظر فقط في أماكن العمل والمؤسسات التعليمية، أو أي صيغة آخرى يتوافق عليها المجتمع، المهم أن ننقل قصة النقاب إلى مكانها الصحيح ونخرجها من حيزها الديني، إلى مكانها الطبيعي وهو منطقة الحوار الإجتماعي حول حرية شخصية، قد يتراءى للدولة في لحظة ما تقنين ممارستها لصالح البلاد ولمصلحة العباد.
والله أعلم.

هناك تعليقان (2):

  1. رائع يا استاذ انت فعلا تتناول القضيه بشكل موضوعى 👍

    ردحذف

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...