الخميس، 21 مارس 2019

صراع المجزرة والملتقى بين «كرايست شرش» و«أسوان»



هكذا هي الدنيا تمضى بنا بين حزن وفرح.. موت وحياة.. يأس وأمل، تشطرنا نصفين وتوزع إهتماماتنا ومشاعرنا بين نقيضين، وهكذا عشت أسبوعي الماضي وشاركني في ذلك كثيرون، ممن أدمى قلوبهم مذبحة الجمعة 15 مارس في مسجدي «كرايست شرش» في نيوزيلاند والتي راح ضحيتها 50 شهيداً، ثم عشنا بعدها يومي 16 و 17 مارس في نشوة الإنجاز مع «لمة» الشباب وملتقاهم العربي والافريقي الذي أحتضنته مدينة أسوان درة صعيد مصر، وعاصمة الشباب الأفريقي لعام 2019.
بين المجزرة والملتقى دار صراع المشاعر، وأنتصرت إرادة الحياة.. لم يهتز إيماننا بالخالق سبحانه وتعالى وإرادته في عمران الأرض وبقائها، لهذا كان ملتقى الشباب في أسوان رداً مصرياً مثالياً على الإرهاب في أي مكان بالعالم، الإرهاب الذي إنكوت مصر بنيرانه (وما تزال) وأبتلي به شعبها الطيب المسلم المسالم، وليس ببعيد عن أذهاننا مذبحة مشابهة أستهدفت مسجدا ومصلين في يوم الجمعة 9 نوفمبر 2017، حيث سقط أكثر من 300 شهيد بينهم 25 طفلاً في مسجد الروضة بشمال سيناء.. سقطوا ضحايا إرهاب يتخفى وراء الإسلام، ويتذرع بتفاسير مضللة لشريعته.
أما مجزرة نيوزيلاند والتي نفذها الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت في مسجدين بمدينة «كرايس شيرش» وتنطق بالإنجليزية: Christ Church، وترجمتها بالعربية: كنيسة المسيح، وينحدر ضحاياها من جميع أنحاء العالم الإسلامي، فتشير المؤشرات الأولى إلى أن الإرهابي القاتل ذو ميول متطرفة مسيحية تتخفى وراء تقمص لعبة PUBG الشهيرة، وقد أسفر الاعتداء عن سقوط 50 شهيداً بينهم أطفال، فيما لا يزال 36 جريحا في المستشفى من الجالية المسلمة، قتلهم الإرهابي الذي يبلغ من العمر 28 عاما، في مسجد «النور»، و«المركز الإسلامي».
ومن كنيسة المسيح (المعطرة بدماء الأطهار المسلمين)، إلى أسوان (الأمنة بفضل الله)، والتي أجتمع فيها 1500 شاب من مختلف الدول العربية والأفريقية، ناقشوا وتبادلوا الأفكار والرؤى حول مستقبلهم في ظل المتغيرات العالمية التي تحاصر أحلامهم، والمخاطر الإقليمية والقارية والدولية التي تتكاثر بسرعة مرعبة، وتهدد مصائرهم ومصائر أوطانهم، ويعد ملتقى الشباب العربي والأفريقي أحد فعاليات منصات منتدى شباب العالم (WYF Platforms)، والتي تدور فكرتها حول منح الشباب المصري ونظرائه في جميع أنحاء العالم فرصة لتطوير ودعم أفكارهم المختلفة في جميع المجالات، وذلك من خلال تنظيم عدة فعاليات على مدار العام.
وفي إطار فعاليات الملتقى قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريم عدد من المبدعين النابهين من شباب العرب وأفريقيا، كما شهدت كلمته الختامية عدد من التوصيات الهامة، أستوقفني منها التالي:
Ø    تشكيل فريق عمل من الشباب العربى والإفريقى لوضع رؤية شبابية لآليات التعامل مع قضايا الاستقطاب الفكرى والتطرف وعرضها كمبادرة شبابية للقضاء على الإرهاب والتطرف.
Ø    قيام مجلس الوزراء وبالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتعليم لفتح باب المشاركة للباحثين من الدول العربية والأفريقية للاستفادة من بنك المعرفة المصرى ومن خلال الآليات المناسبة لتنفيذ ذلك.
Ø    قيام وزارة الصحة وبالتنسيق مع جميع الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولة على تنفيذ إطلاق مبادرة مصرية للقضاء على فيروس سى لمليون أفريقى، وإطلاق حملة 100 مليون صحة للضيوف المقيمين فى مصر (اللاجئين).
Ø    الاهتمام بتوظيف المنصات الإعلامية والتواصل الاجتماعى لإزالة الصورة الذهنية الخاطئة للعلاقات الإفريقية العربية.
ومن رسائله المؤثرة للشباب العربى والإفريقى، قول الرئيس السيسى: «شباب مصر والعرب وإفريقيا أوصيكم بالتمسك بأحلامكم والعزم على تحقيقها، اعملوا بكل جهد من اجل مستقبلكم واجعلوا الحوار وتقبل الآخر دستوركم، والإنسانية شريعتكم، والعمل منهجكم، وأعقدوا النية على أن تجعلوا بلادكم أـكثر سلامًا واستقرارًا»، وكرر الرئيس رسالته لتأكيد وصولها إلى الحضور، وإلى كل من يسمعه،  قائلًا: «بقول لكل الشباب حافظوا على بلادكم.. حافظوا على بلادكم.. حافظوا على بلادكم».
حفظ الله مصر وأفريقيا وبلادنا العربية..
وحفظ المسلمين في كل أنحاء العالم..
وحفظ كل إنسان يعيش في سلام ويحترم الأخرين من اي جنس أو جنسية أو ديانة.


 *نشر في جريدة «صوت الأزهر» بتاريخ 20 مارس2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...