صحافة لقيطة = شعب عبيط

واختفت «الست» سنوات عن بؤرة الضوء، «ولبدت في الدرة» تراقب،
خاصة في سنوات ما سمي «الربيع العربي». وفجأة، ودون سابق إنذار، طلت علينا عبر
قناة «cbc» في ثوبها
الأصيل، ومارست رسالتها الأساسية. عادت لتسعدنا وتبهجنا كل أسبوع في برنامج «صاحبة
السعادة»، الذي انطلق مرتبكا مثقلا برغبات وطموحات ضخمة، ولكنه كان على ما يبدو
ارتباك الصعود إلى القمة، التي وصلتها إسعاد يونس وبرنامجها وتمسكت بها حتى الآن.
الست إسعاد وفرقتها من كتيبة المبدعين، بقيادة المايسترو محمد
مراد، يعزفان علينا أسبوعيا لحنا متفردا يقدم وجها جديدا للصحافة التلفزيونية
بمفهومها الراقي وعلى طريقة «السهل الممتنع»، حقا اللحن من مقام «نوستالجي» يلعب
على «تيمة» الحنين للماضي، لكن ما فطن له
أصحاب البرنامج الشهير «صاحبة السعادة» وجعل لهم سحرا خاصا هو قدرة خلطتهم
التلفزيونية على منح المشاهد قدرا من الطاقة الإيجابية «تسري تحت الجلد» بحسب
تعبير إسعاد في إحدى حلقاتها الأخيرة، هذه الطاقة هي أسمى ما يحلم به صاحب رسالة
حقيقي، وهي غاية كل متلقٍ كما علمنا أساتذة الإعلام الكبار.

مدينةٌ صاحبة الجلالة، الصحافة، بكل فروعها، مكتوبة ومرئية
ومسموعة وإلكترونية، للست إسعاد وفرقتها بالكثير؛ فقد قدمت درسا مهنيا غاية في
الأهمية، ربما لم تقصده، وهذا عظيم. وربما كان في بالها هي وفرقتها، وهذا أعظم.
وملخص الدرس بعيدا عن «الأكليشيهات» الأكاديمية: إن الأوطان في أوقات الأزمات
والحروب، تحتاج إلى إعلام يجمع الشمل، يبحث عن مشتركات بين أبنائه ويعيد تسليط
الضوء عليها، يتجنب مناطق الخلاف ويبتعد عن التشويه أو رصد العيوب، إعلام يبث روح
التفاؤل والبهجة الهادفة في نفوس مواطنيه الحائرة.. المتوترة.. الخائفة، إعلام
صادق.. بسيط.. طيب، يهدهد المشاعر، يحدثك بهدوء وعقلانية، يستنهض روحك الإيجابية،
يعيدك إلى جذورك الوطنية دون صخب أو افتعال.
لعلهم يفهمون.
نشر المقال في «جورنال مصر» العدد الثالث - 16 نوفمبر 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق