أدهشتني وأسعدتني حالة الاحتفاء والاحتضان
التي استقبل بها فضاء «السوشيال ميديا» في العالم العربي قصة حب الفنان المصري
القدير رشوان توفيق وزوجته التي غادرت الحياة قبل أيام، لتسطر بموتها فصلا جديدا
من «أسطورة حب» رعاها الله وباركها فأثمرت هذه السيرة العطرة التي جعلت كثيرين
يتأملونها ويبحثون عن تفاصيلها وكلهم أمل أن يمن الله عليهم بقصة جميلة مشابهة
تربطهم مع من يحبون.
في السادس عشر من يوليو 2019 أعلن خبر
وفاة الزوجة، وتناقلت وسائل الإعلام صور الفنان الزوج وهو يبكي فقيدته عقب الصلاة
عليها بمسجد السيدة نفيسة، واستدعي الجمهور على الفور حوارات سابقة للفنان الأصيل
رشوان توفيق وهو يتحدث بكل المحبة عن زوجته أثناء فترة مرضها العضال التي استمرت
ثلاث سنوات ظل خلالها رفيقا وجليسا لها وحريصا اشد الحرص على خدمتها وراحتها، واختزل
الحاج رشوان (كما يلقب في الوسط الفني) قصته مع زوجته التي تزوجها وهي في سن 17
عام ليستمر زواجهما وحبهما أكثر من 55 عام، قائلاً: «أراد الرحمن أن يحفظني بزواجي
منها».
يتلقف المجتمع بتعطش ولهفة قصص
الحب النادرة التي يمتد فيها الحب ويتصل ويتبارى فيها المحبين (رغم كبر سنهم) في
التعبير عن عشقهم واهتمامهم بأحبابهم، ونستشعر هذا العطش عندما ترى من تكتب عبر
حسابها على «فيس بوك» راجية الله أن يرزقها «حب النبي للسيدة عائشة»، وتجد آخر
يتوسل إلى الله أن يرزقه «الزوجة الصالحة»، كما أن متابعة التعليقات على فيديوهات
أو صور الحب تؤكد هذا التعطش وتعكس حجم الأزمة.
الأزمة التي لن يلخصها أن تقول
أننا نحيا في عصر أنتشر فيه الطلاق، وأصبح هو الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة،ـ
رغم أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد نفى ما تردد حول تصدر مصر
المرتبة الأولى عالمياً في الطلاق، مؤكدا أن معدل الطلاق في مصر بلغ 2.1 لكل ألف من السكان
لعام 2017، وهذا المعدل من المعدلات العادية على مستوى العالم، لكننا لا يمكن أن
نخفي تفشى الطلاق في المجتمع المصري في السنوات العشر الأخيرة، وانتشار ظواهر مثل
الانفصال العاطفي بين آلاف الأزواج، ونفور الأجيال الجديدة من «الجواز» ولجوئهم
إلى علاقات مشوهة تفسد معنى «مشروع الزواج» وتفقده قيمته ومعناه، وتجعله أبعد ما يكون
عن مساره القويم الذي حدد له المولى عز وجل إطارا شرعيا يغلفه المودة والرحمة
ويزاوجهما في محبة الله، لتكن هي العلاقة الأصل التي بارك فيها الله استمرارية
الحياة وبقاء الجنس البشري.
ويحلو للبعض تجريد علاقة الرجل
والمرأة من إطارها الشرعي، ويتفننوا في تقديم تفسيرات شيطانية للحب، كلها وصلت بهم
إلى الفشل والانهيار والانتحار، لقد زاد الشقاق بين «أدم وحواء» في زماننا لأنهما
أدمنا الشجرة المحرمة، ورفضا أن يتعلما من درس أول «أدم وحواء» ويدركا أن المحبة لله
وحده لا شريك له.
إنها معادلة ربانية لأهم علاقة
إنسانية، تتصل المحبة بفضل الله الذي يؤلف بين القلوب، ويربط بينها برباط مقدس
ويظلها بظله في الدنيا والآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق