قال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، أمام العاملين المشاركين في التجربة الأخيرة لصاروخ «باليستي» جديد قادر على الوصول إلى الولايات المتحدة إن بلاده «سوف تتقدم منتصرةً وتثبُ لتكون أقوى قوة نووية وعسكرية في العالم».
وقبل أن يسخر «السوشياليون»، من رواد مواقع التواصل الاجتماعي،
أذكِّرُهُم بأنه (كيم) كان نجمهم المفضل خلال الأسبوع الماضي، وصاحب أعلى «تريند» بسبب
ردَّة فعلِهِ القوية على قرار ترامب الخاص بالقدس، حيث إنه أدان القرار ووصفه بـ«المختل
عقليًّا».
أعلم أن الرئيس الكوري (الشمالي) يليق به أيضًا هذا الوصف،
لكن حلمَه النوويَّ وإصرارَه على تحقيقه، موقف يستحق التأمل مثلما وَجَب علينا تحليل
التجربة الإيرانية النووية، وقبلهما علينا أن نراجع تاريخنا لنعرف أن مصر تحلم بهذا
«النووي» منذ أكثر من نصف قرن، وأنها بدأت طمُوحَها لتحقيق هذا الحلم مع الهند، وكان
المشروعان المصري والهندي بمثابة توأمين ترعاهما علاقة وثيقة رَبَطَتْ بين الزعيمين
عبد الناصر ونهرو.. أخفقت مصر ونجحت الهند، التي تستطيع الآن تصنيع محطة نووية بأكملها
دون حاجة إلي خبرات خارجية، كما تملك ما يزيد على 30 قنبلة نووية، مما جعلها عضوًا
في النادي النووي.
ويبدو أن مصر في عهد الرئيس السيسي قد اقترَبَتْ من
تحقيق حلمها النووي القديم، مع بدء الخطوات التنفيذية لبناء أول محطة نووية بمشاركة
روسية، والذي يأتي في إطار اتفاقية وُقِّعَت بين موسكو والقاهرة في نوفمبر 2015،
وتم تفعيلها في زيارة الرئيس الروسي بوتين للقاهرة قبل أيام، لبناء محطة نووية لتوليد
الطاقة الكهربائية في منطقة «الضبعة»، ويستغرق تنفيذ
المشروع 7 سنوات، وتبلغ تكلفته المشروع نحو 29 مليار دولار، سيموّل الجانب الروسي منها
25 مليار دولار (85 في المائة من تكلفة المشروع) على شكل قَرْض بفائدة سنوية تبلغ
3 في المائة، على أن تتكفل القاهرة بما يقرب من 4 مليارات دولار.
مشروع
الضبعة يحي الأمل النووي المصريّ، الذي بزغ مع إنشاء
مفاعل أنشاص (التجريبي) في خمسينات القرن الماضي، وضحت
من أجله أجيال من علماء الطاقة الذرية في مصر، مصطفى مشرفة وسميرة موسى ويحيى المشدّ وسمير نجيب وسعيد السيد بدير،
علماءنا الذين اغتالتهم أيادي العدو الصهيوني كي تحرم مصر من حلمها.
المثير للشفقة أن من يُحارِب اليوم بديلًا عن إسرائيل، هم
قلة من أبناء مصر لعِبَتْ برءوسهم الشائعات، ومسحت ذاكرتهم الوطنية قصص وخرافات الفضاء
الافتراضي، وتلقَّفَتْهم لجان «الإخوان» الإلكترونية، تحدِّثُهُم عن الغرب الذي يُغلِق
مفاعلاته النووية ويبحث عن الطاقة البديلة، وبالغت في تصوير خطورة القرض الروسي، وأفتى
كل من هبَّ ودبَّ في فوائد هذا القرض ووصفوه بأنه الأعلى فائدة، وكثر الكلام في كل
اتجاه، زَفَّة من مفسدي الأفراح كل مساء وصباح.. «ندابة» إلكترونية، أو «بومة» فضائية،
تذكِّر الناس بجوعهم وفقرهم، وأموالهم (المسروقة) التي تضيع وراء سراب نووي في الضبعة،
يجاور السراب العقاري بطول الساحل الشمالي الذي أضاع فيه المصريون ثرواتهم في كتل إسمنتية
بلهاء، تقضي ثلثي العام فارغةً.. شاهدةً على عُقمِ العقلية الاقتصادية المصرية.
ولهؤلاء أقول، من كلمات شاعرنا الرحل عبد الرحمن الأبنودي:
«لو مش هتحلم معايا مضطر أحلم بنفسي.. لكنّي في الحلم حتى.. عمري ما هاحلم لنفسي».
أنتم تجيدون خلط الأوراق وتشتيت العقل، لكن هذا الكلام لا «يخيل» على الشعب المصري
(المعلم والقائد) الذي وهبه الله قدرة وعبقرية على الفرز، وعندما يتوهَّم أحد سيطَرَتَه
عليه، يُفاجِئ العالمَ بمواقفه الراسخة التي تحافِظُ على الدولة المصرية وتمنُعها من
السقوط، يتقدم مسيرة هذا الشعب، جيش وطني من أبنائه المخلصين، وجيوش أخرى في شتى المناحي
من العاملين في كل مجالات الحياة.