انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو (أبيض وأسود) مترجم إلى العربية عن لغة أجنبية
يدعى ناشروه أنها اللغة الروسية، وذيل البعض مشاركته للفيديو بمعلومات (يصعب
تأكيدها)، وهي أنه من انتاج روسي تم في منتصف الخمسينات، ويحكى الفيديو عن العالم العربي
الشهير أبن سينا ونصائحه في مواجهة مرض خطير انتشر في زمانه سمي «الموت الأسود»،
وكانت خطته لمكافحة المرض والحد من انتشاره والتي أستخدمها قبل مئات السنين هي
ذاتها ما نقوم به اليوم في مكافحتنا لفيروس «كورونا»، مثل التشديد على الالتزام
بعملية التطهير (بالماء والخل) والنظافة والبقاء في البيوت للحد من انتشار الإصابة
بالفيروس.
والموت الأسود هو الأسم الذي أطلق على
وباء الطاعون، والذي حصد ملايين الوفيات في قارات العالم المختلفة في دورات ظهورها
المتعددة عبر العصور حتى قيل أنه قتل ثلث البشرية.
أما «ابن سينا»، فهو أبو علي الحسين بن
عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، فهو العالم والطبيب والفيلسوف العربي المسلم
الذي ولد عام 370 وتوفي عام 427 (هـجرية)، وعُرف باسم (الشيخ الرئيس) وسماه
الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى، وساهم بدور مؤثر في
إثراء الحركة العلمية في زمانه، فقد ألف أكثر من 240 كتاب في شتى المجالات، ، ومن
أبرز أقواله: «الوهم نصف الداء، والإطمئنان نصف الدواء، والصبر أولى خطوات الشفاء».
وظني أن سبب إنتشار الفيديو (الروسي) عن
ابن سينا والطاعون، هو أنه لمس جرح ما بداخل مشاهديه، الذين يقتلهم الخوف كل يوم
وهم في إنتظار هجمات هذا الوباء الشرس، بينما كانت نصيحة ابن سينا الغالية، وهي
مواجهته بكل شجاعة، حيث يقول في احد مقاطع الفيلم عن الوباء: «إنه يُصيب الجبناء».
وإذا إنتقلنا إلى واقعنا في مواجهة
كورونا، وبعد أن ينتهى الأسبوع الحالي على خير بإذن الله، فهو أسبوع المصير لمصر
وفق تقديرات من يدعوا فهمهم وعلمهم، فنحن أمام إختيارين، إما أن يخرج الأمر عن
السيطرة أو يمنحنا الله فرصة أخيرة، وفي كلتا الحالتين أرى أن البقاء في المنزل
ليس هو أفضل الحلول للخروج من محنة «كورونا»، بل على العكس فنحن بحاجة لأن نعمل
وننجز ونجتهد، كي نستطيع تخطي هذه الأزمة.
إن الإنتظار غير مفيد للشعوب المتأخرة
مثلنا (أو المتخلفة أو الفقيرة سمها كما تشاء)، فالعالم الغربي لن يصل لعلاج أو
لقاح ويهديه لنا، ولن ترسل دول اوروبا أو الصين سفنها المحملة بالكمامات والمطهرات
وأجهزة التنفس الصناعي ومعها الأمصال هدية من أجل عيون الشعب المصري الطيب.
لن يمسح دموعنا غير ايدينا، ولن ننجو إلا
بسواعد مصرية، ومسألة البقاء في البيت إنتظارا للموت كارثة لا تليق
بنا، فلنتحمل حتى ينتهي هذا الأسبوع، ونستوعب نتائجه بأقصى سرعة، وننتقل فورا إلى
مرحلة العمل الجاد لإنجاز احتياجاتنا، والتعامل بأعصاب باردة مع تزايد حالات
الإصابة، والتخلي عن آلية مطاردة المرضى بالتوقف عن استخدام فزاعة «مريض كورونا»
التي ترهب الناس وتحرمهم من الحياة الطبيعية.. وتجعل الخوف يفتك بهم بطريقة أشرس
من الكورونا.
وأتمنى من أولي الأمر أن ينتبهوا إلى
الأمر، ولا يقلدوا أفكار الغرب وخططهم في المقاومة، مصر لا تقدر على فاتورة
الإغلاق الكامل، كما أن مجتمعنا الطبي لن يستطيع التعامل العقلاني مع طوفان
المصابين إذا حدث لا قدر الله. علينا أن نتخذ قرارات مصيرية بإبداع حلول من خارج
الصندوق الأمريكي والاوربي والصيني، فكلها صناديق لا تناسب بلادنا.
كورونا يحتاج إلى شجاعة وجسارة في مواجهته.
هذا لا ينفي اتباع المنهج الصحي وأساليب
التطهير والنظافة.
كما لا يعني السماح بالتجمهر لأسباب خلاف
العمل والانجاز.
إن فرصتنا الأخيرة لإجتياز الخطر..
هي أن نستنهض الجدية والشجاعة ليكونا
منهجنا جميعاً في الأيام القادمة.
حفظنا الله وإياكم الله من شر
الوباء..
ومن شر الغباء.
سلمت يمينك
ردحذفتسلم يا أستاذ
حذف