الأحد، 2 سبتمبر 2018

مبادرة «إبداع إيجابي»



يمثل ميلاد مصطلح (إبداع إيجابي) وما تبعه من (مبادرة)، حلًّا ناجزًا (في ظني)، قبل أن يجرفنا طوفان العبث المسيطر على المشهد الإبداعي، الذي حوَّل الحالةَ الإبداعيةَ لحالة إفساد متكاملة الأركان، وبات التعرض لمعظم إبداعات هذا الزمان جريمة قتل ممنهجة للنفس، حيث العنف والعري والعَتَه، في تحالفٍ تاريخي مع السذاجة والركاكة والبلادة، لتكونَ النتيجة الطبيعية لهذا السخف هي مُعظَم ما نُعانِيه من أمراض العصر.
لقد وقعنا أسرى منذ سنوات لما يمكننا تسميته بتيار «الإبداع السلبي»، الذي اجتاح في غفْلَةٍ من مبدعينا مختلفَ مجالات الفنون والآداب، وأطاح زبانيتُهُ وفق معطيات السوق بمنطق البناء الخلَّاق للإنسان، الذي يُعَدّ أسمى ما يقوم به الإبداع، وتحوَّل كل ما يُفرِزُه هؤلاء إلى معاول تهدم الفرد وتدمِّر المجتمع، لن أتوقف عند أسماء أو أعمال، فالجميع يعلم، والجميع يحلم بإيجاد مخرج لأزمة الإبداع، ولمحنة المبدعين.
وفي ظل هيمنةِ الإبداعِ السلبي على كلِّ إنتاجنا الفني والثقافي، وتفشِّي العنف والسوقيةِ والبذاءةِ في العديد من الإبداعاتِ المعاصرة، وضعفِ المستوى الفنيِّ لمعظمِ ما يُقدَّم من أعمالٍ خلالَ السنوات الأخيرة. أصبحَتْ الحاجةُ مُلحَّة لوجودِ تيارٍ إبداعيٍّ جديدٍ يقاوِمُ هذا القبحَ، ويجدِّدُ الدماءَ في جَسَد الإبداع المصري المتكلِّس، ويتماهى مع الأفكار الجديدة التي نجَحَتْ وأثَّرَتْ في المجتمعات المتقدمة.
إن «الإبداع الإيجابي» ينتمي بشكل واضح لتيار «الإيجابية» في التفكير الذي تسلَّلَ إلى حياتنا خلال السنوات الأخيرة، بفعل علماء النفس والاجتماع من المتخصصين في «علم النفس الإيجابي». وقد أسهَمَتْ آلياتُ التفكيرِ الإيجابي في إحداث تأثير مدهِشٍ في مختلفِ مناحي حياتِنا، وفَرَضَ مصطلح «الطاقة الإيجابية» وجوده بقوة لما يمثِّلُه من حافزٍ قويٍّ لإحداث تغييرات صحية وفاعلة في حياتنا، وأصبح من المصطلحات المحببة لدى معظم شعوب العالم، وأصبحت «الإيجابية» هي المفتاح السحري للدخول إلى كل العقول.
والإيجابية في الإبداع لن يكونَ لها شروط ولن تعملَ وِفْقَ أُطُرٍ أو أنظمة صارمة، بل هي تيار فكري محفِّز يتماهى مع العصر، ويستوعب كلَّ مدارسِ الفنِّ والثقافة والآداب، ينشِّطُ المبدعين ويشجِّعُهُم بدعم مشروعاتهم الإبداعية، وفق منهج الإيجابية في التفكير، وفي التدبير، في كل مراحل العملية الإبداعية، منذ أن يُولَدَ المشروع فكرةً، مرورًا بشقِّ الطريق الصعب وتمهيده لتنفيذه، وحتى يتحول إلى عمل إبداعي مكتمل، وهذا ما سيصبح أكثر وضوحًا مع تفعيل #مبادرة_إبداع_إيجابي التي تمثِّل «فتح انطلاقة» لأجيال قديمة وجديدة من مبدعينا في مختلف المجالات.
ولا يهدف مقالي فقط إلى تسجيل حقِّي التاريخي في مصطلح «إبداع إيجابي»، لكنه احتفالًا بفكرةٍ مميَّزة ولدت وسطَ زحامِ الأفكارِ اليائسةِ التي أضناها البحثُ عن مَخرجٍ حقيقيٍّ وصادق لأزمة الإبداع في بلادي، ولأزمتي مع الإبداع في ظلِّ مناخٍ قاتلٍ لأيِّ موهبةٍ ومفسِدٍ لأيِّ موهوب.
وُلِدَ تيار «ابداع إيجابي»، وتخطَّى بإيجابية عثرات المخاض، وانطلَقَ للعملِ مباشرةً بمبادرةٍ نظُنُّها جديدةً وفريدةً على سوقِ الإنتاج الفنيِّ في مصر والعالم العربي، وستُسهِمُ «مبادرةُ إبداع إيجابي» في إنتاجِ وتسويقِ ثلاثةِ أعمالٍ فنيَّةٍ كخطوةٍ أولى، وقبل أن ينتهي عام 2018 ستكونُ هناك خُطَّة مبشِّرة للعام المقبل تدعمُ انتشارَ تيَّارِ #إبداع_إيجابي وتضمَنُ تأثيرَه في شكلِ المشهدِ الإبداعيِّ المصري والعربي خلال السنوات المقبلة.
يصاحِبُ المبادرة، التي أتمنى أن ينضمَّ إليها مثقفينا ومبدعينا، حملةٌ إعلاميةٌ لتأصيل المصطلح وتعميق دلالاتِهِ وفَتْحِ مناقشة عامة حول السبل والآليات التي تمكِّن المجتمع من تحقيق الهدف المنشود من وجود تيار #إبداع_إيجابي، وهو ظهور أعمال فنية وأدبية تمنَحُ المصريينَ طاقة إيجابية تدعم قدرتهم على تحمل الحياة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التاريخ في حضرة الشامة (1) - 19 يوليو 2014

كنا في أواخر شهر رمضان، جاي لي تليفون من شخص  كنت شايف إنه أذاني جدا، واتسبب لي في اكبر خسارة حصلت لي في حياتي..  وكنت مسخر نفسي بادعي عليه ...