لماذا يحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على زيارته السنوية
إلى مدينة نيويورك الأميركية لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر
من كل عام، مسجلا هذا العام رقم قياسيا في الحضور (حيث يترأس وفد مصر في اجتماعات الشق
رفيع المستوى من اجتماعات الدورة 73) ، ليكون بذلك أول رئيس مصري يحضر خمس دورات متتالية
لاجتماعات الجمعية العامة، بل إن زيارات السيسي الخمس للأمم المتحدة يفوق عددها مجموع
زيارات جميع قادة مصر إليها منذ إنشاء المنظمة الدولية؟
وللإجابة على هذا السؤال اجتهدت هيئة الاستعلامات
المصرية في رصد مشاركات الرئيس السابقة، وأصدرت كتاباً باللغتين العربية والانجليزية
يتضمن تحليلا لنتائج الزيارات الأربعة السابقة للجمعية العامة، لتوضح للرأي العام
داخلياً وخارجياً، مدى أهمية هذه الزيارات التي أسست لشكل الدولة المصرية الجديدة
في عهد ما بعد 30 يونيو 2013، ودعمت الوجود العالمي للنظام المصري في أهم محفل
دولي.
ويذكر كتاب هيئة الاستعلامات الذي جاء تحت عنوان (السيسي
في الأمم المتحدة 2014: 2018)، إلى أن الرئيس السيسي ألقى خلال هذه الزيارات خطبًا
رسمية كان أهمها خطاباته الأربعة أمام جلسة الجمعية العامة، والتي تمثل كلمة مصر الرسمية
في المنظمة الدولية، إضافة إلى كلماته وخطبه في عدد من المؤتمرات والقمم الأخرى التي
عقدت بمقر الأمم المتحدة خلال فترة انعقاد الجمعية العامة.
ويرصد الكتاب، استثمار الرئيس السيسي وجوده في نيويورك لعقد
عدد كبير من اللقاءات والاجتماعات الجماعية والثنائية مع قادة وزعماء من مختلف قارات
للعالم وكذلك مع العديد من المسئولين في المنظمات الدولية وممثلي الدول الأخرى في اجتماعات
المنظمة الدولية، ووفق حصر الهيئة لهذه اللقاءات فإنها بلغت 55 لقاء على مستوى
القمة.
ويحلل
الكتاب، عدداً من الملامح التي ميزت مشاركات الرئيس الأربع خلال الفترة الرئاسية الأولى
وأثمرت في النهاية العديد من النتائج السياسية باستعادة مصر مكانتها في محيطها الإقليمي
والعالمي، وشجعت المجتمع الدولي على دعم جهود مصر السياسية والاقتصادية.
وقد
جسدت مشاركات الرئيس في هذه الاجتماعات السنوية، الإدراك الكامل لأهمية هذا المنبر
العالمي لمخاطبة المجتمع الدولي بكامله، والتواصل معه، وعودة صوت مصر على أعلى مستويات
القيادة إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيداً لاهتمام مصر بدور المنظمة
الدولية وضرورة تعزيزه واستعادة تأثيره في النظام الدولي على الأصعدة السياسية والأمنية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة في الفترة الراهنة التي يمر فيها النظام العالمي
بتغييرات متتالية في توازن القوى وطبيعة ونمط العلاقات الدولية.
وتؤكد هيئة الاستعلامات في كتابها التحليلي الهام، على أن
مشاركة الرئيس في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة تعد رسالة إعلامية إلى شعوب العالم،
بقدر ما هي رسالة سياسية ودبلوماسية، في الوقت الذي يواجه المجتمع الدولي أشكالًا من
التحديات المشتركة التي تهدد السلم والأمن والحياة على الكرة الأرضية مثل قضايا الإرهاب،
واللاجئين، والتغيرات المناخية، والأزمات الاقتصادية، وانتشار ثقافـات العنف والتطرف
على نحو يتطلب تعاونًا دوليًا كاملًا.
جهد مميز من الهيئة التي استعادت رشاقتها وحنكتها
السياسية وتراكمها المعرفي وقدراتها الإعلامية تحت قيادة الزميل القدير ضياء
رشوان، الذي أعاد لهذه المنصة الإعلامية البارزة وجودها وأهميتها، فعادت تلعب
دورها الصحيح لتصبح جسر تواصلنا الواعي مع العالم الخارجي.
* نشر بجريدة "صوت الأزهر" بتاريخ 26 سبتمبر 2018